للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما (١) المجاز الذي ذكره أبو العباس، وجَعلُهُ الأطيبيةَ مجازًا عن (٢) أكثرية الثواب، فهو عندي مجاز بعيد؛ لأنهما إنما يشتركان في معنى الأكثرية، وكونِ كلِّ واحد منهما مطلوبًا مرغوبًا فيه، وهاتان علاقتان عامتان بعيدتان عن محل التجوز (٣).

والعلاقة كما ضعفت بَعُدَ المجاز، وبالعكس، هذا من جهة النظر إلى القرب والبعد من حيث هو هو.

وقد يقوم مُعارض يمنع من هذا الضعف ويُحسِّنُ المجاز، ألا ترى إلى قول الشاعر [من الرجز]:

صَارَ الثَّرِيدُ في رؤوسِ العِيدَان (٤)

فإنه تراه - وإن بعدت العلاقة فيه - إذا (٥) نظرت إلى معناه، وهو أن الزرع ينبت، فيُسَنْبِلُ (٦)، فيبدو صلاحه، فيُعالَجُ إلى أن يصيرَ ثريدًا،


(١) " ت ": "وفأما".
(٢) في الأصل: "على"، والمثبت من "ت".
(٣) في الأصل: "التحرز"، والمثبت من "ت".
(٤) تقدم ذكره (١/ ٣٢٠)، وقد قال أبو حيان الأندلسي ناظمًا:
اللفظُ إنْ أُريدَ منه الظاهرُ ... حقيقة مجازُه مغايرُ
لابد من علاقة تكونُ ... بينهما تقرب أو تبين
مثاله مقال بعض العربان ... صار الثريد في رؤوس العيدان
أراد بالثريد حبَّ السنبلَة ... سماه بالشيء الذي يؤول لَهْ
(٥) "ت": "إن".
(٦) في الأصل: "فيسبل"، والمثبت من "ت"، ويسنبل: يكون له سنبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>