للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أفعالهم، إذ المتعلِّق غيرُ المتعلَّق.

وإذا كان الفعل ليس من الأحكام التي هي داخلةٌ تحتَ الملة، لزم أن يكون المأمورُ به الاتباعَ في حكم الفعل، وحكم الفعل يتردَّدُ بين الوجوب والندب والإباحة، فالاتِّباعُ في الحكم متوقفٌ على معرفة الحكم من وجوب أو ندب أو إباحة، فمتى حكمنا بأحدِهَا [و] كان مخالفًا لذلك الحكم في شريعة إبراهيم، لا يكون ذلك اتباعًا في الحكم، لكنَّ الحكمَ في شريعة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - غيرُ معلوم عندنا، فلا نجزمُ بأن الحكم بالوجوب اتباعٌ لملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - (١).

الوجه الثاني: تقريرُ كونِ الحديث مقدِّمةً من مقدِّمات الدليل على وجوب الختان، وهو أن يقال: الحديث يدلُّ على جواز هذا الفعل، وجوازُ هذا الفعل يستلزم وجوبَه، فالحديثُ يدل على وجوبِهِ دلالةَ ثبوت الملزوم على ثبوت اللازم.

أما المقدمة الأولى، وهو أنَّه يدلُّ على الجواز فظاهر جدًّا، ودليلُهُ دليلُ العِصمة.

وأما أنَّه يدل جواز هذا الفعل على وجوبه ويستلزمه؛ فلأن هذا قطعُ عضوِ حيٍّ صحيح، وفيه فتح باب الروح، فالدليلُ على تحريمه قائمٌ، ولا يجوز الإقدامُ على فعلٍ دلَّ الدليل على أنَّه محرم إلَّا لرجحان الدليل على وجوبه، وإلا لكان إلغاءً لدليل تحريمه.


(١) جاء على هامش "ت": "بياض نحو أربعة أسطر من الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>