للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الفاء)، والترتيب والتراخي في (ثم)، وهو حَملُ الترتيبِ على الترتيب في الإخبار، وقد ذكرنا آنفًا عن هذا الذي أدركناه من المتأخرين الترتيبَ في الذكر.

وقال أبو الحسن بن أبي الربيع النحويُّ الأندلسيُّ لما تكلَّمَ على الفاء: اعلم أن (الفاء) تقتضي أن الثاني بعد الأول بغير مُهلة، فإذا قلت: قام زيد فعمرو، فمعناه أن عَمْرًا قام بعد زيد مُتصلًا [به] (١)، وقد يكون الترتيبُ للإخبار، تقول: مُطرنا مكانَ كذا فمكانَ كذا، إذا أردتَ أن تستوعبَ جميعَ الأماكن التي أخذها المطرُ، [فأخذتَ جهةً، ثم فَرَوَتْ شيئًا بعد شيء إلى أن تنتهيَ إلى آخرها، وربما أصابها المطرُ] (٢) كلَّها في وقت واحد، [ولم تدرِ كيفَ نزل المطرُ فيها؟.

وكذلك تقول: شتمني زيد، فعمرو، فخالد، فلا تزال تتخبطُ من واحد] (٣) إلى آخرَ حتى تنتهي إلى أقلِّهم منزلةً، وربما الذي شتمك أولاً ذكرتَهُ (٤) آخرًا، لكنك قصدتَ أن تخبر بالأمر على هذا التدريج، وعلى حسب مراتبهم، ولو جئت بالواو لم يكنْ فيه إلا الجمع، وأنَّ الفعلَ وقع بالجميع، ولم تقصدْ إلى هذا التدريج، ولم يكنْ ذكرك الأولَ، والثاني بعده، والثالث بعده، بالقصد، وإنما كان باتفاقٍ، إذ لابدَّ من تقديم واحد على آخر، إذا أخبرتَ أنَّ الفعلَ وقع بالجميع.


(١) زيادة من "ت".
(٢) سقط من "ت".
(٣) سقط من "ت".
(٤) "ت": "ذكرك".

<<  <  ج: ص:  >  >>