للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الحديث: ترتيبُ الأعضاء في شرفها لا في غسلها، وبيان ترتيب شرفها من وجهين:

الأول: أن أعاليَ الإنسان [خيرٌ و] (١) أشرفُ من أسافله، بدليل أن المشروعَ للمصلي أن يكونَ أعاليه في السجود أخفضَ من أسافله، قالوا: لأن أشرفَ [الإنسان] (٢) إذا كان منخفضًا كان أبلغَ في التذلل، فقدم في الحديث ذكرَ الوجه على اليدين؛ لأنه أعلى، واليدين على الرجلين؛ لأنهما أعلى، وقد تبين أن العلوَّ في الخِلْقة شرف.

الثاني: أنَّ شرفَ الوجه على اليدين: أنه جمعَ السمع والبصر والنُّطق، وهي من أجل الأدوات المستعملة في العبادات؛ ولأن به يكونُ الاستقبال والاستدبار، فكان لذلك أعزَّ الأعضاء، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أقربُ ما يكونُ العبدُ مِنَ اللهِ وَهُوَ سَاجِدٌ" (٣).

قالوا: لأنه وضعَ أعزَّ الأعضاء في الأرض، وهو غايةُ التذلل، فكان سببًا لزيادة القُرب.

واليدان بهما يكون البطش، وهو أَعْوَنُ شيء على العبادة، وأَدْخَلُه فيها؛ لاستيعابه كثيرًا منها، والرجلان يكون بهما السعي، وهو دونَ


(١) زيادة من "ت".
(٢) زيادة من "ت".
(٣) رواه مسلم (٤٨٢)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجود، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>