للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البطش في ذلك، بدليل أن أقطعَ الرجلين [أقدرُ] (١) على العبادات من أقطع اليدين، ويؤيدُه قوله تعالى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا} [الأعراف: ١٩٥] الآية، وبُدِئَ (٢) فيها بالأدنى لغرض الترقي؛ لأنَّ منفعةَ الوصف الرابع أعمُّ من منفعة الثالث؛ فهو أشرفُ منه، ومنفعة الثالث أعمُّ من منفعة الثاني؛ فهو أشرفُ منه، ومنفعة الثاني أعمُّ من منفعة الأول، فهو أشرفُ منه، وقد قُرِنَ السمع بالعقل، ولم يُقرنْ به البصرُ في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (٤٢) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ} [يونس: ٤٢]، وما قُرِنَ بالأشرف كانَ أشرفَ.

قال: فإن قيل: كان الأَولى أن يُقدَّمَ في الآية المذكورة الوصفُ الأعلى، ثم ما دونه حتى يُنتهى إلى أضعفِها؛ لأنه إذا بُدِئَ (٣) بسلب الوصف الأعلى، ثم سُلِبَ ما دونه، كان ذلك أبلغَ في الذم؛ لأنه لا يلزمُ من سلب الأعلى سلبُ ما دونه، كما تقول: ليس زيدٌ بسلطانٍ، ولا وزيرٍ، ولا أمير، ولا والٍ، والغرضُ من الآية المبالغة في الذم.

قلت: ما ذكرتَهُ طريقة حسنة في علم المعاني، والمقصودُ من الآية طريقةٌ أخرى، وهي أنه - تعالى - أثبت أن الأصنامَ التي يعبدها


(١) زيادة من "ت".
(٢) "ت": "بدأ".
(٣) في الأصل: "بدأ"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>