للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلتُ: أما قولُ الحافظ أبي عمر: لو كان صحيحًا، لأخرجه في مصنفه الصحيح عنده، فهذا غيرُ لازم، لأنَّ صاحبي الصحيحين لم يلتزما إخراجَ كلِّ صحيح عندهما.

وأما قوله: وهذا الحديث لم يحتجَّ أهل الحديث بمثل إسناده، فقد ذكرنا في كتاب "الإمام" (١) وجوه التعليل التي يُعلَّل بها الحديث، وحاصلُها راجعٌ إلى الاضطراب في الإسناد، والاختلاف في بعض الرواة، ودعوى الجهالة في سعيد بن سلمة؛ لكونه لم يروِ عنه إلَّا صفوانٌ فيما زعم بعضُهم، وفي المغيرة بن أبي بردةَ أيضًا.

فمن العلل: الاختلاف في الإسناد، والإرسال، وتقديم الأحفظِ المُرسِل على المُسنِد الأقلِّ حفظاً، وهذا الأخيرُ - إذا ثبت عدالةُ المُسنِدِ - غيرُ قادح على المختار عندَ أهل الأصول.

وأما الجهالةُ المذكورة في سعيد بن سلمة: فقد قدمنا من كلام ابن منده ما يقتضي رواية الجُلاح عنه مع صفوان، وذلك على المشهور عند المحدثين يرفعُ الجهالة عن الراوي.

وأما المغيرةُ بن أبي بردة: فقد ذكرنا - أيضًا - من كلام ابن منده موافقةَ يَحْيَى بن سعيد لسعيد بن سلمة في الرواية عن المغيرة، وهو مشهورٌ - أيضًا - من غير طريق ابن منده، ووقع لنا ثالثٌ يروي عن


(١) انظر: "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام" للمؤلف (١/ ٩٩) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>