وخامسها: أن تكون (إذا) لمَحضِ الظرف مجردةً عن معنى الشرط، لا جواب لها، والعاملُ فيها فعلٌ محذوف من جنس المنطوق به، تقديره: ثم يُقرِّب وَضوءَه إذا غسل وجهه، وتكون الظرفية بمعنى الملابسةِ، أي: ثم يُلابِسُ وضوءَه حتى غسل وجهه، ويجوز أن يكون فيها معنى الشرطِ، وجوابُها محذوفٌ، وعلى كلا الوجهين يجوز أن تكون هذه الجملة المذكورة معطوفة على (يقرب) وما بعده، فتدخل في حكم الصفة؛ لأن المعطوف على الصفةِ صفةٌ، وتكون كلُّها صفاتٍ للمبتدأ المنطوق به، وهو واحد من غير إضمارِ موصوفٍ غيرِه، ويكون الكلام كلُّه جملةً واحدةً، ونحن إذا جعلنا (إذا) ظرفًا ومعمولًا بفعل مقدر، لا تكون (إذا) وحدها صفة، وإنما الجملة بكمالها هي الصفة، أعني:(يقرب) المضمرة مع (إذا)، وما دخلتْ عليه.
وقد يُعترض على هذا الوجه بأن يقال:(إذا) وصفتِ المبتدأَ، ثم أُخِبر عنه، فلا يُرجع إلى وصفه بعد أن أُخبِرَ عنه، فلا يقال: زيد العالم الفاضل في الدار الكاتب، فيكون الكاتبُ صفةً لزيد بعد أن أخبر عنه بـ (في الدار)؛ لأن فيه الفصل بين الأوصاف بأجنبي، وهنا قد وصف المبتدأ بقوله:(يقرب) وما بعده، ثم أخبر عنه، بما (١) أخبر عنه بـ"خَرجَت خَطَايا وَجْهِه وفِيهِ وخَيَاشِيمِه" ثم رجع إلى وصفه بالجملة التي بعد (ثم) المقدر فعلها على تقدير الظرفية، أو جوابها على تقدير الشرطية.