ويجاب عنه: بأن المبتدأ قد يُوصَف بأوصاف ويُخبَر عنه باعتبار كل صفة بخبر يلائم تلك الصفة، فيتكرر الإخبار عن مبتدأ واحد باعتبار ما تكرَّر من أوصافه، كقولك: ما من أحد يصلي في المسجد الحرام إلا صلاته كألف صلاة، ولا يصلي في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا كانت صلاته كسبع مئة صلاة، ولا يصلي في المسجد الأقصى إلا كانت صلاتُه بخمس مئة، وكذلك في الحديث؛ أخبر عن "أحد" بخروج خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، باعتبار وصفه المضمضة والاستنشاق والانتثار، ثم أخبر عنه بخروج خطايا وجهه، فحُسِب باعتبار وصفه بغسل وجهه فحسب.
وسادسها: أن تكون هذه الجملة المذكورة، أعني:(يقرب) المقدرة مع (إذا) وما دخلت عليه صفة لمبتدأ محذوف منفيٍّ من لفظ المنطوق، تقديره: ثم ما منكم من أحد يقرِّبُ وضوءَه، حين غَسْلِ وجهه، أو ما منكم من أحد إذا غَسَلَ وجهه أدَّى الواجب، أو ما أشبهه، ويكون الكلام جملتين، وكيف ما قدر بقوله:"خَرَجَتْ خَطَايَا وَجْهِه" في موضع رفع خبر، إما على المبتدأ المنطوق به، وإما على المقدر كما ذكر، وقد يُعترض على هذا الوجه باعتراضين:
أحدهما: أن فيه حذفَ المبتدأ منفيًا مع أداة نفيه بعده، والمعروف أن يحذف إذا حذف مع بقاء نفيه، نحو:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ}[النساء: ١٥٩]، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧]، و {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}[الصافات: ١٦٤] التقدير في الكل: أحد.