الأول: ادعاءُ شذوذِهِ، قال الشريفُ: الإعرابُ بالمجاورة شاذٌّ نادرٌ، لا يُقاس عليه، وإنما ورد في مواضعَ لا يتعدَّى إلى غيرِها، وما هذه منزلتُهُ في الشذوذِ والخروجِ عن الأصول، لا يجوزُ أنْ يُحملَ كلامُ الله تعالى عليه.
وقال ابن المعلِّم: وقد صَرَّح أهلُ اللغة وأئمةُ العربية بأنَّ المجاورةَ لا يجوز استعمالُها في كتاب الله تعالى؛ لبعدِها عن أصل، ولخروجِها عن حقيقة الكلام.
وقالوا: استعمالُها شيءٌ يُخَصُّ به الأعرابُ دونَ الفصحاءِ من أهل اللسان؛ وقد نصَّ على ذلك الفرَّاء، واليزيدي، وغيرُهما من أهل اللغة.
وقال في فصل آخر: وقد قال المبرِّدُ: إنَّ قولهم: جحرُ ضبٍّ خربٍ، ليسَ فيه شيءٌ من حكم المجاورة، لكنه لما أضيفَ (الجحرُ) إلى (الضبِّ) صار كالاسم الواحد، فأعرب (الخرب) بنعتِ الاسم (١).
قال: ولم يقصد المتكلمُ بذلك ما ذهب إليه من لا علمَ له من خفض (الخرب) بالمجاورة.
أجاب الفقيهُ أبو الفتح سليم بأن الذين استدلُّوا بذلك، لم يقتصروا على مجرَّدِ الدعوى، لكن تلوا فيه آياتٍ من القرآن، وذكروا فيه أبياتًا من الشعر معروفةً، وحكوا عن قوم أمناءَ ثقاتٍ أنَّهم نقلوه عن العرب مُطلقًا من غير تقييد، فسبيلُ المستدلِّ عليه، إذا أَرادَ أن يحكمَ