للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشذوذه، ويقصرَهُ على موضع دونَ موضع، أن ينقلَ ذلك كنقلهم، ولا يقتصرَ على مجرد دعواه، ولأن في ذلك سدَّ باب الاحتجاج بكلام العرب، بأن يكونَ كلُّ من استدلَّ عليه بشيء منه، يقول: هذا إنَّما ورد في مواضعَ لا تتعدَّى إلى غيرها، وهو شاذٌّ نادر، وما هذه منزلتُهُ في الشذوذ والخروج عن الأصول، لا يُحتجُّ به، فيقف الاحتجاجُ بكلامهم، وإذا كان ذلك كذلك، لم يلزمْ هذا السؤال حتَّى يقرنَهُ بالبرهان.

وقال أبو البقاء العُكْبَريُّ في الكلام على الإعراب الذي يقال: هو على الجوار، وليس يمتنعُ أن يقعَ في القرآن لكثرته، فقد جاء في القرآن والشعر؛ فمن القرآن قولُهُ تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ} [الواقعة: ٢٢] على قراءة مَنْ جَرَّ، وهو معطوفٌ على قوله: {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} [الواقعة: ١٨] والمعنى مختلفٌ؛ إذ ليس المعنى: يطوف عليهم ولدانٌ مخلدون بحور عين.

قال الشَّاعر [من البسيط]:

لمْ يَبْقَ إلَّا أَسِيْرٌ غَيْرُ مُنْفَلِتٍ ... أَوْ مُوْثَقٍ في حِبَالِ القَدِّ مَجْنُوبِ (١)

والقوافي مجرورة.


(١) البيت للنابغة الذبياني، كما في "ديوانه" (ص: ٥٨)، وعنده:
لم يبق غيرُ طريد غيرِ منفلت ... وموثقٍ في حبال القد مسلوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>