للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأويل عن جميع القَرأة بالنصب.

ومنها: أن هذا توسُّعٌ، فيجوز، والظاهرُ والحقيقةُ يوجبان عطفَهُما على اللفظ، لا الموضع، كما أنَّ الظاهرَ في القراءة بالجر عطفُ (الأرجل) على (الرؤوس) في الحكم، وإنما عُدِلَ إلى الإعرابِ بالمجاورة، والتفريقِ بين العضوين في الحكم للدليل.

قال: والذي يبين ذلك ما حكاه أبو عبد الله، عن المفضل بن سلمة: أنه مُستنكَرٌ عند أهل اللغة أن يقول القائل: رأيت زيدًا، ومررت بخالدٍ، وبكراً، فاستُنكِرَ ذلك حين كان الظاهرُ حملَهُ على العامل اللفظي، وقد اعتُرِضَ بينهما بجملة لغير فائدة، ولو كان الظاهر حمله على الموضع (١) مع تقدم العامل اللفظي لم يُسْتَنْكَرْ، ولقيل: تقديره: رأيت زيدًا وعمراً، ومررت بخالد وبكر، لو لم يتقدمْهُ العاملُ.

ومنها: أنَّ في قول القائل: (فلسْنَا بالجبالِ)، الباء زائدة، والمعنى: فلسنا الجبالَ، وكذلك قوله: لست بقائم، وخَشَّنْتُ بصدره، الباء فيها زائدة، المعنى: لست قائمًا، وخَشَّنْتُ صدره (٢)، فيستوي العطف على لفظه، والعطفُ على موضعه في المعنى، والباء في قوله: {بِرُءُوسِكُمْ} ليست بزائدة للتوكيد، وإنما هي للتبعيض، فيختلفُ العطفُ على لفظها، والعطفُ على موضعها في الحكم،


(١) "ت": "الوضع".
(٢) أي: أغظته.

<<  <  ج: ص:  >  >>