للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبقة الثانية: الذين ضَمُّوا إلى القول باللسان الاعتقادَ بالقلب على سبيل التقليدِ، والاعتقادِ التقليدي لا يكونُ عِلْمًا، إذِ العَقْدُ ضدُّ الانحِلال والانشراحِ، والعلمُ عبارةٌ عن الانشراحِ قال الله تعالى: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الزمر: ٢٢]، فصاحبُ (١) التقليدِ إذاً (٢) لا يكون عارِفاً، وهل يكونُ مؤمناً؟ فيه الخلاف.

الطبقة الثالثة: الذين ضَمُّوا الاعتقادَ بالقلبِ معرفةَ الدلائل الإقناعية، ولكن ما بلغتْ درجتُه إلى الدلائل اليقينية.

الطبقة الرابعة: الذين بالغوا في الطَّلَب، تأكيداً لتلك العقائدِ بالدلائل القطعية والبراهينِ اليقينية، إلا أنهم لا يكونون من أربابِ المشاهداتِ والمكاشفات.

ثمَّ الإقرارُ باللسانِ له درجة واحدةٌ، والاعتقادُ بالقلبِ له درجاتٌ مختلفة، بحسب قوةِ الاعتقاد، وضعفِه ودوامِه، وعدمِ دوامِه، وكثرةِ تلك الاعتقادات وقلَّتِها، فإن المقلِّدَ ربما كان مقلداً في البعضِ من المسائل الأصوليةِ، وقد يكون في الكُلِّ، ولا يُسْتَراب في أنَّ للخَلْقِ مراتبَ في كلِّ طبقةٍ من هذه الطبقات.

وأما الطبقة الخامسة: فهم أصحاب المشاهداتِ، فنسبتهم في القلة إلى أصحاب البراهين القطعية، كنسبة أولئك الأصحابِ إلى عامة الخلق، ولا نهايةَ لعالم المكاشفات؛ لأنَّه عبارةٌ عن سَفَرِ العقلِ في


(١) في الأصل: "وصاحب"، والمثبت من "ت".
(٢) في الأصل "إذ"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>