جلالِ الله تعالى، ومدارجِ عظمتِه، ومنازلِ آثارِ كبريائه وقُدْسه، وكما لا نهاية لهذه المقامات، فكذلك لا نهايةَ للسَّفَرِ في تلك المقامات، أو كما قال.
قال: وأما أرباب الحقيقة، فقد بَنَوْا لأصحاب المكاشفات مراتبَ ستة: منها ثلاثةٌ لأصحاب البدايات، وثلاثةٌ منها: لأَصحابِ النهايات.
أما الثلاثة الأُوَل:
فهي اللوائح: فكأنها كالبُروق، كلَّما ظهرت في الحال استترتْ.
ثم اللوامع: فإنها أظْهرُ من اللوائح، فلا يكونُ زوالُها بتلك السُّرعة.
ثم الطوالع: فإنها أبقى من اللوامع، ولكنَّها على خطرِ الأفولِ والزوال.
ثم قال: إنَّها مختلفةٌ، البعضُ منها زائلٌ بتمامه، والبعض منها غيرُ زائل بتمامه، يبقى منه أثرٌ.
وأما الثلاثة الأخيرة:
وهي الحاضرة: وأنها عبارة عن حضورِ القلب عند الدلائل.
ثم المكاشفةُ: وهي أنْ يصيرَ، يعني: عند سَيْرِه إلى اللهِ تعالى غنياً عن طلبِ السَّبيل، وتأمُّل الدليل، ثم السائرُ مختارٌ في الانتقال من الدليلِ إلى المدلولِ في تلك الحالة، بخلاف غيره.
ثمَّ المشاهدة: وأنها عبارةٌ عن توالي أنوارِ التجلِّي على قلبه، من غير أنْ يتخلَّلها انقطاع.