للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يثبت فيه هذا الحكم، وقد حكينا عن الحنفي تخصيصَه في الغدير الَّذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الآخر، وعن الحنبلي تخصيصه بما لا يُمكن نزحُه كالمصانع التي بطريق مكة، والشافعي أيضًا: يخرج عنه القلتين فما زاد عليهما.

فأما الحنفيةُ القائلون بأنَّ الماء الراكد ينجس بوقوع النجاسة فيه، فهو مقتضى العمل بالعموم، ومقتضى حملِ صيغة النهي على حقيقتها وهو التحريمُ، فإذا خرج منه (١) المستبحرُ، بقي اللفظ متناولًا ما عداه، ويحتاجون إلى تخصيصٍ آخرَ في الماء الَّذي وقع فيه الحدُّ المعتبر عندهم، وهو عدم تحرك أحد الطرفين [بتحرك الآخر] (٢)، وهذا إنما أُخِذ من معنى فهموه، وهو سِرايةُ النجاسة في الماء، وأنَّ مع هذا التباعد - لا سِرايةَ، وهذا المقدار من الماء يدخل تحت العموم، فتخصيصه بهذا المعنى تخصيصٌ العامَّ بمعنى مُستنبطٍ منه يعود عليه بالتخصيص، وفيه كلام لأهل الأصول.

وأما الشافعية رحمهم الله تعالى: فإنهم لما اعتمدوا حديث القلتين خصُّوا العامَّ به، وهو تخصيصٌ بمنطوق؛ لأن هذا الحديثَ الَّذي نحن نتكلم فيه عامٌّ في المنع من الاغتسال في كل ماء راكد بعد البول فيه، فيدخل تحته القلتانِ فما زاد، وقوله عليه السلام: "إِذَا بَلَغَ


(١) "ت": "عنه".
(٢) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>