للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَاءُ قُلَّتينِ لَمْ يَحْمِل خَبَثًا (١) " يقتضي بمنطوقه أنَّ هذا القدرَ لا يمتنع الغسلُ به بعد وقوع النجاسة فيه، وهو أخص ذلك العام الأول، وهذا مبنيٌ على أنَّ قوله عليه السلام: "لمْ يَحملِ الخَبَثَ" محمولٌ على أنه يدفع الخبث عن نفسه لكثرته، وهو الظاهر.

وقول المخالف لهذا المذهب: إنه يَحتمِلُ أن يكونَ كقولهم: فلان ضعيف لا يحمل كذا، فيكون إشعارًا بأن (٢) هذا المقدار لا يحمل الخبث؛ أي: لا يطيقه ولا يدفعه عن نفسه لقلته، [بعيدٌ] (٣) ضعيفٌ، يبعده السياقُ وتدفعه الروايةُ التي فيها: "إذا كانَ الماءُ قُلَّتين، فإنَّه لا يَنْجُسُ"، فيتعيَّنُ على مَنْ أراد نفيَ هذا التخصيصِ أن يُبيِّنَ تعذُّرَ العملِ بحديث القلتين.

وأما ما ذكرناه عن الحنبلية: فطريقٌ تقديره أن يقال: حديثُ القلتين خاصٌّ في المقدار، عامٌّ في الأنجاس، وهذا الحديث الَّذي نحن فيه عامٌّ بالنسبة إلى المقدار، خاصٌّ بالنسبة إلى الأنجاس؛ لكونه ذكر فيه بول الإنسان دون سائر النجاسات، فإذا كان الواقعُ غيرَ بول الآدمي في القلتين فما زاد، حُكِمَ بطهارته عملًا بحديث القلتين، وإذا (٤) كان الواقع في هذا المقدار بولَ الآدمي، حكم بنجاسته عملًا بهذا الحديث.


(١) "ت": "الخبث".
(٢) "ت": "أن".
(٣) ما بين معكوفتين سقط من "ت".
(٤) "ت": "وإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>