للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدركت من مقابلة التشنيع بالتشنيع الوط (١)، وإلا:

فتلكَ شكاةٌ ظاهرٌ عنكَ عارُهَا (٢)

ونحن لا ننكر الفرق عند وجود (٣) المعنى الَّذي يوجب الفرقَ، ولا عندَ انحسامِ المعنى ووجوبِ المصير إلى التعبُّدِ، وإنما أنكرناه عند ظهور المعنى ظهورًا قويًا جدًّا، واقتضى ذلك المعنى التسويةَ، فإنكارُ الفرق من هاهنا جاء، وما ذكرتُهُ من الفرق بين الراكد والجاري ليس كذلك. وأيضًا فالتفرقةُ من طريق المفهوم، والمفهومُ مفهومُ موافقةٍ ومفهومُ مخالفة، ومفهوم الموافقة ما يقتضي رجحانَ حالِ المسكوت عنه على حالِ المنطوق به، أو مساواتَه له (٤) إن ساواه، ويُعَرفُ ذلك بالرجوع إلى أهل اللسان والعُرف، كما في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣]، [والحكمُ ثابت فيهما؛ أعني: في المسكوت عنه والمنطوق به؛ لأجل العلم بالتساوي أو الأولوية، وقد فرَّقتَ بينهما مع وجوب التساوي.


(١) "ت": "بالوطر".
(٢) من شعر أبي ذؤيب الهذلي، كما في "ديوانه" (ص: ١١٥). وصدره:
وعيَّرني الواشون أني أحبها
وقد تمثَّل ابنُ الزبير بالشطر الثاني من البيت لمَّا قيل له: يا ابن ذات النطاقين، كما رواه البخاري في "صحيحه" (٥٠٧٣).
(٣) "ت" زيادة: "اتحاد".
(٤) "ت": "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>