للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو (١) الَّذي أنكروا علينا هاهنا بعينه (٢).

قلنا: للتفريق مآخذ:

أحدُها: أنَّ الأصلَ اجتنابُ النجاسة ووجوبُ غَسْلِها، والنصُّ في النَّضْح وَرَدَ في البول (٣)، فيبقى في الغائط على مقتضى الأصل، ففرقوا بين البول والغائط لاقتضاء الدليل وجوبَ الاحترازِ عن الغائط وغسلِه، وتفريقهم هاهنا بين البول والغائط لا يساوي هذا.

وثانيها: أنَّ التخفيفَ في البول يمكن أن يكونَ لما فيه من القصور في الاستقذار عن الغائط، ويمكن أن يكونَ الشارعُ اعتبر هذا المعنى، فإلحاقُ غيرِه به قياسٌ مع إمكان الفارق، وأما إلحاقُ الغائطِ بالبول فيما نحن فيه فهو عكسُ هذا، فإنه إذا نصَّ على الأخف بالمنع، فالأغلظُ أولى قطعًا، كما في تحريم التأفيف مع الضرب.

قال: وهؤلاءِ الحنفيةُ فرقوا بين بول الشاة في البئر فيفسدُها، وبين ذلك المقدار نفسه من بولها بعينه في الثوب فلا يفسدُه.

وفرقوا بين بول البعير في البئر فيفسده، ولو أنه نقطةٌ، ولو وقعت بَعْرتان من بَعْر ذلك الجمل في الماء في البئر (٤) لم يَفْسُدِ الماءُ،


(١) "ت" زيادة: "نفسه".
(٢) انظر: "المحلى" (١/ ١٥٨).
(٣) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يغسل من بول الأنثى، وينضح من بول الذكر"، كما رواه أبو داود (٣٧٥)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي يصيب الثوب، وغيره من حديث لبابة بنت الحارث رضي الله عنها.
وإسناده صحيح.
(٤) في "المحلى": "في ماء البئر".

<<  <  ج: ص:  >  >>