للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه لا تثبتُ الأحكامُ إلا بالنصوص، فهذا كلامٌ في أصل القياس وكونِهِ دليلًا، فليشنِّعُهُ على الأمةِ شرقًا وغربًا، وقُربًا وبُعدًا (١) في أمصار الإسلام.

قال: وهؤلاء الشافعيون فرقوا بين البول في مخرجه من الإحليل، فجعلوه يَطْهُرُ بالحجارة، وبين ذلك البول في نفسه من ذلك الإنسان نفسه إذا بلغ أعلى الحَشَفة، فجعلوه لا يَطْهُرُ إلا بالماء (٢).

قلنا: فرقوا للدليل الدالِّ على اجتناب النجاسة، مع الدليل الدالِّ على الاكتفاء بالحجر في محل الإحليل، مع قاعدة وهي: أنَّ مَوْرِدَ النصِّ إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكونَ مُعتبرًا في الحكم، لم يجزْ إلغاؤه؛ لأنه لو أُلغِيَ لكان قياسًا مع إمكان الفارق، وهو غلط، ولاشكَّ أن البول في الإحليل متكرِّرٌ ابتُلي المكلف بتكرُّرِهِ، ولا يساويه في هذا المعنى البولُ في غير الإحليل، ويمكن أن يكون الشارعُ سامح في ذلك المحلِّ مع كون الأصل تحريمَ استصحاب النجاسة في العبادة (٣)؛ لأجل هذه المشقة المتكررة، فلا يُلحَقُ غيرُ محلِّ النصِّ بهْ؛ لاحتمال اعتبار الفارق الَّذي في محل النص.

قال: وفرَّقوا بين بول الرضيع وبين غائِطِه في الصَّبِّ والغَسل،


(١) "ت": "وبعدًا وقربًا".
(٢) انظر: "المحلى" (١/ ١٥٨). ووقع هناك: "وبين ذلك البول نفسه".
(٣) "ت": "العبادات".

<<  <  ج: ص:  >  >>