للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو في معنى المنصوص عليه قطعًا، وننكرُ جحدَ ما يَبِيْنُ من مقصود المتكلم وعلة الحكم قطعًا أو قريبًا من القطع، فإن كان شيءٌ مما ذكرتَ من هذا القبيل فبيِّنه، وإلا فلا مساواة.

قال: فإن قالوا: مَنْ قال بقولكم هذا في الفرق بين البائل والمتغوِّط في الماء الراكد قبلَكم، قلنا: قاله رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، الَّذي لا يأتيه الباطلُ مِنْ بين يديه ولا من خلفِه؛ [إذ بيَّن لنا حكمَ البائل] (١)، وسكت عن المتغوِّط والمتنخِّم والمتمخِّط (٢).

قلنا: لم يفرقْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين البائل والمتغوط في الحكم قطُّ، وإنما فرق بينهما في الذِّكر والسكوت، وأَخْذُ التفريق بينهما في الحكم من التفريق بينهما في الذكر والسكوت يتوقفُ على دليل خارجٍ عن اللفظ، فلا يجوزُ أن يُنسَبَ إلى قول الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أعني: التفريقَ في الحكم، وأقلُّ درجات ما ادَّعينا فيه القطعَ أو قريبًا منه أن يكون مُحتمِلًا، فكيف يحلُّ مع الاحتمال أنْ تَجْزِمَ القولَ بأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قاله؟! وأينَ هذا من نسبتك الناسَ إلى الكذبِ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فهموا معنى، ورتَّبوا عليه (٣) الحكم؟!

قال: ولكن أخبِرونا مَنْ قال مِنْ ولد آدم بفروقكم هذه قبلَكم، كالفرق بين بول الشاة في البئر وبولها في الثوب، وبين بولها في


(١) زيادة من "المحلى".
(٢) انظر: "المحلى" (١/ ١٥٩).
(٣) "ت": "رتبوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>