وقال في "فتح الباري"(٣/ ١٥) -في التهجد، باب قيام النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- عند كلامه على حديث المغيرة بن شُعْبَة، الذي يرويه البُخَاري، عن أبي نُعَيْم، عن مِسْعَر، عن زياد بن عِلَاقَة، عنه، به:"هكذا رواه الحُفَّاظ من أصحاب مِسْعَر عنه، وخالفهم محمد بن بِشْر وحده فرواه عن مِسْعَر عن قَتَادة عن أنس، أخرجه البزَّار وقال: الصواب عن مِسْعَر عن زياد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" من رواية أبي قتَادة الحَرَّاني عن مِسْعَر عن عليّ بن الأقمر عن أبي جُحَيْفة، وأخطأ فيه".
وقال الحافظ الذَّهَبِيُّ مِنْ قَبْلُ في "سِيَر أعلام النبلاء"(٧/ ١٧٢) بعد أن ساق حديث أنس بإسناده من الطريق المتقدِّم، ثم من طريق أبي قَتَادة الحَرَّاني عن مِسْعَر عن عليّ بن الأقمر عن أبي جُحَيْفَة، وطريق أبي قَتَادَة عبد اللَّه بن واقد الحَرَّاني عن سفيان أو مِسْعَر عن عليّ بن الأقمر عن أبي جُحَيْفَة، قال:"تفرَّد به عبد اللَّه بن واقد أبو قَتَادة الحَرَّاني (١) هكذا. وحديث محمد بن بِشْر العَبْدي عن مِسْعَر علَّة له. وقد رواه خلَّاد بن يحيى وجماعة عن مِسْعَر. فقال: عن زياد بن عِلَاقَة عن المغيرة بن شُعْبَة، وهذا أصحُّ الأقوال، واللَّه أعلم".
أقول: إعلال حديث أنس بمخالفة راويه (محمد بن بِشْر العَبْدِي) للحُفَّاظ الذين رووه عن مِسْعَر عن زياد بن عِلَاقَة عن المغيرة بن شُعْبَة، مَحَلُّ توقفٍ عندي لأمرين:
أولهما: أنَّ (محمد بن بِشْر العَبْدِي) من الحُفَّاظ الثقات المُتْقِنين، حتى إنَّ أبا داود يقول فيه -كما في ترجمته من "التهذيب"(٩/ ٧٤) -: "هو أحفظ من كان بالكوفة". وكان من العارفين المتمكنين في حديث (مِسْعَر بن كِدَام)، يدلُّ عليه ما ذكره الذَّهَبِيُّ في "السِّيَر"(٧/ ١٦٤) في ترجمة (مِسْعَر) حيث يقول: "قال