ومن طريق يزيد بن أبي زياد، عن مِقْسَم، عن ابن عبَّاس، رواه أبو داود في الصوم، في باب الرخصة للصائم أن يحتجم (٢/ ٧٧٣ - ٧٧٤) رقم (٢٣٧٣)، والتِّرْمِذِيّ في الصوم، باب ما جاء من الرخصة بالحجامة للصائم (٣/ ١٣٨) رقم (٧٧٧)، وابن ماجه في الصيام، باب ما جاء في الحجامة للصائم (١/ ٥٣٧) رقم (١٦٨٢)، وأحمد في "المسند"(١/ ٢٨٦)، بلفظ:"أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم احْتَجَمَ وهو صائمٌ مُحْرِمٌ".
ولفظ التِّرْمِذِيِّ:"أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم احْتَجَمَ فيما بين مكَّة والمَدِينة وهو مُحْرِمٌ صائمٌ". وقال:"حديث حسن صحيح".
ومن طريق أيوب، عن عِكْرِمَة، عن ابن عبَّاس:"أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ، واحْتَجَمَ وهو صائمٌ". رواه البخاري في الصوم، باب الحِجَامة والقيء للصائم (٤/ ١٧٤) رقم (١٩٣٨).
وقد روى البخاري في الإِجارة، باب خَرَاج الحَجَّام (٤/ ٤٥٨) رقم (٢٢٧٩)، من طريق خالد، عن عِكرِمَة، عن ابن عبَّاس قال:"احْتَجَمَ النبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأعطى الحَجَّامَ أَجْرَهُ، ولو علم كراهيةً لم يُعْطِهِ".
وفي قوله:"احتجم رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهو صائم محرم"، إشكال من جهة جمعه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بين الصيام والإِحرام، لأنَّه لم يكن من شأنه التطوع بالصيام في السفر، ولم يكن مُحْرِمًا إلَّا وهو مسافر، ولم يسافر في رمضان إلى جهة الإِحرام إلَّا في غَزَاة الفتح، ولم يكن حينئذٍ مُحْرِمًا؟ .
وقد أزاحه الحافظ ابن حَجَر في "التلخيص الحَبِير"(٢/ ١٩١ - ١٩٢) مطوَّلًا فانظره، وممَّا ذكره:"ظهر لي أنَّ بعض الرواة جمع بين الأمرين في الذكر، فأوهم أنهما وقعا معًا، والأصوب رواية البخاري: احْتَجَمَ وهو صائمٌ، واحْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ. فيحمل على أنَّ كلَّ واحدٍ منهما وقع في حالة مستقلة".