والذي يظهر لي أنَّ (ابن لَهِيعة) -وهو ممن تغيَّر واختلط-، قد خَلَطَ في حديثه هذا، فجعله عن (زيد بن خالد الجُهَني)، وإنما هو (خالد بن عدي الجُهَني)، فإنَّ أبا الأسود يتيم عُرْوة محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأَسَدِي -وهو ثقة كما في "التقريب"(٢/ ١٨٥) -: يرويه عن بُكَيْر بن عبد اللَّه بن الأشج، عن بُسْر بن سعيد، عن خالد بن علي الجُهَني، به، كما سيأتي.
وقد وَهِمَ الشيخ الألباني في "الصحيحة"(٣/ ٥) رقم (١٠٠٥) في قوله: بأنَّ أبا الأسود هو: النَّضْر بن عبد الجبَّار المُرَادي. وذلك أنَّ الذي يرويه عن أبي الأسود هو: سعيد بن أبي أيوب المِصْريّ، وهو إنما يروي كما في "تهذيب الكمال"(١٠/ ٣٤٣) عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأَسَدِيّ، ولا رواية له عن النَّضْر بن عبد الجبَّار المُرَادِيّ.
ومن هذه الشواهد، ما رواه أحمد في "المسند"(٤/ ٢٢٠ - ٢٢١)، وابن حِبَّان في "صحيحه"(٥/ ١٧١) رقم (٣٣٩٥) و (٧/ ٢٨٣) رقم (٥٠٨٦)، والحاكم في "المستدرك"(٢/ ٦٢)، والطبراني في "المعجم الكبير"(٤/ ٢٣٣) رقم (٤١٢٤)، وأبو يعلى في "مسنده"(٢/ ٢٢٦) رقم (٩٢٥)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى"(٤/ ٣٥٠)، من طريق أبي الأسود، عن بُكَيْر بن عبد اللَّه، عن بُسْر بن سعيد، عن خالد بن عدي الجُهَني مرفوعًا:"مَنْ جَاءَهُ من أخيه مَعْرُوفٌ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، ولا بإِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ، ولا يَرُدَّهُ، فإنَّما هو رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّه إليه".
قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإِسناده". ووافقه الذَّهَبِيُّ.