وقال ابن عدي:"هذا الحديث لا أعلم يرويه عن غُنْدَر بهذا الإسناد غير أبي كامل. وحدَّث عن أبي كامل بهذا الحديث: العُمَرِيُّ والبَاغَنْدِيُّ. وقد روي هذا الحديث عن الربيع بن بَدْر عن ابن جُرَيْج".
وقد تعقَّب ابن الجَوْزِي في "التحقيق"(١/ ٣٨٥) الدَّارَقُطْنِيّ في قوله المتقدِّم وفي ترجيحه لإرساله، فقال:"قلنا: أبو كامل لا نعلم أحدًا طعن فيه، والرفع زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، كيف وقد وافقه غيره، فإنْ لم يعتد برواية الموافق اعتبر بها. ومن عادة المحدِّثين أنَّهم إذا رأوا مَنْ وَقَفَ الحديث ومن رَفَعَهُ، وَقَفُوا مع الواقف احتياطًا، وليس هذا مذهب الفقهاء، ومن الممكن أن يكون ابن جُرَيْج سمعه من عطاء مرفوعًا، ورواه له سليمان عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم غير مُسْنَدٍ".
وفي "نصب الراية"(١/ ١٩) قال ابن القَطَّان: "إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته". ثم ذكر ابن القَطَّان كلام الدَّارَقُطْنِيّ السابق، وقال: وتَبِعَهُ عبد الحق -يعني الإِشْبِيلي- في ذلك، وقال: إنَّ ابن جُرَيْج الذي دار الحديث عليه يروي عنه عن سليمان بن موسى عن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مرسلًا. قال: وهذا ليس يقدح فيه، وما يمنع أن يكون فيه حديثان: مُسْنَدٌ ومُرْسَلٌ".
وتَعَقَّبَ ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (١/ ٣٨٥ - ٣٨٦) ابن الجَوْزي وابن القَطَّان فيما قالاه، فقال "وقد زعم ابن القَطَّان أيضًا أنَّ إسناد هذا الحديث صحيح قال: لثقة رواته وإيصاله، وإنَّما عَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيّ بالاضطراب في إسناده، فتبعه عبد الحق على ذلك. وهو ليس بعيب فيه، والذي قال فيه الدَّارَقُطْنِيّ هو: أنَّ أبا كامل تفرَّد به عن غُنْدَر وَوَهِمَ فيه عليه. هذا ما قال، ولم يؤيده بشيء ولا عضَّده بحُجَّة غير أنَّه ذكر ابن جُرَيْج الذي دار الحديث عليه، يُرْوى عنه عن سليمان بن موسى عن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم مُرْسَلًا. قال: وما أدري ما الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان: مسند ومرسل، واللَّه أعلم، انتهى كلامه. وفيه نظر كثير".