للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ذكرتُ من كثرة الطرق. وأعلَّه أيضًا بأنَّه مخالفٌ للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بَكْر، وزَعَمَ أنَّه من وضع الرَّافضة، قابلوا به الحديث الصحيح في باب أبي بكر، وأخطأ في ذلك خطأً شنيعًا، فإنَّه سلك في ذلك ردَّ الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة، مع أنَّ الجَمْعَ بين القِصَّتَين مُمْكِنٌ. وقد أشار إلى ذلك البزَّار في "مسنده"، فقال: وَرَدَ من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قِصَّة عليّ، وورد من روايات أهل المدينة في قِصَّة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دلَّ عليه حديث أبي سعيد الخُدْري -يعني الذي أخرجه التِّرْمِذِيّ (١) -: أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "لا يحلُّ لأحدٍ أن يطرق هذا المسجد جُنُبًا غيري وغيرك". والمعنى: أنَّ باب عليٍّ كان إلى جهة المسجد ولم يكن لبيته باب غيره، فلذلك لم يُؤْمَرْ بسدِّهِ. ويؤيد ذلك ما أخرجه إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" من طريق المُطَّلِب بن عبد اللَّه بن حَنْطَب: "أن النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لم يأذن لأحدٍ أن يمرَّ في المسجد وهو جُنُبٌ إلَّا لعليّ بن أبي طالب، لأنَّ بَيْتَهُ كان في المسجد". ومحصّل الجَمْعِ: أنَّ الأمر بسدِّ الأبواب وقع مرتين، ففي الأولى استُثْنِيَ عليٌّ لما ذكره، وفي الأخرى استُثْنِيَ أبو بكر. . . . ".

وقال الإِمام ابن كثير مِنْ قَبْلُ في "البداية والنهاية" (٧/ ٣٤٣) في الجمع بينهما: "وهذا لا ينافي ما ثبت في "صحيح البُخَاري" من أمره عليه السلام في


(١) في "سننه" في المناقب، باب رقم (٢١) (٥/ ٦٣٩ - ٦٤٠) رقم (٣٧٢٧)، ولفظه فيه: "يا عليُّ لا يحلُّ لأحدٍ يُجْنِبُ في هذا المسجد غيري وغَيْرُكَ". قال التِّرْمِذِيُّ: "حسن غريب".
أقول: إسناده ضعيف، ففي إسناده (عطية بن سعد العَوْفي) قال الذَّهَبِيُّ عنه في "المغني" (٢/ ٤٣٦): "تابعي مشهور، مجمع على ضعفه". وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (١٨٩). وللحديث شواهد يتقوَّى بها، ولذلك قال النَّووي فيما نقله عنه المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (١٠/ ٢٣٣): "إنَّما حسَّنه التِّرْمِذِيّ بشواهده". وانظر شواهده في الموضع المشار إليه من "تحفة الأحوذي".

<<  <  ج: ص:  >  >>