للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أقول: ما نقله ابن الجَوْزي عن ابن عدي ليس له، عدا قوله: "رأيت مشايخ بغداد يسيئون الثناء عليه". وإنما هو من قول: (أبي بكر بن أبي غالب) نقله عنه، كما في "الكامل" (١/ ٢٠٨). وابن عدي كما تقدم يقوِّي أمره.

وقد ذكره السُّيُوطيُّ في "الدُّرِّ المنثور" (٨/ ٥٦٩) ولم يعزه إلَّا للخطيب.

وقد روى التِّرْمِذِيُّ في التفسير، باب ومن سورة القَدْر (٥/ ٤٤٤ - ٤٤٥) رقم (٣٣٥٠)، وغيره (١)، نحوه، من حديث الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وضعَّفه.

وتكلَّم الحافظ ابن كثير في أول تفسيره لسورة (القَدْر) (٤/ ٥٦٦ - ٥٦٧) على حديث الحسن بن عليّ هذا مطوَّلًا، وردَّه إسنادًا ومَتْنًا بتحقيقٍ نفيسٍ ونَقْدٍ عالٍ؛ وقال: "منكر جدًّا". ونقل عن شيخه الإمام المِزِّيّ قوله فيه: "منكر".

وممَّا قاله الإمام ابن كثير في نقد مَتْنِه: "وممَّا يدلُّ على ضعف هذا الحديث، أنه سيق لذمِّ بني أُمَيَّة. ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق، فإن تفضيل ليلة القَدْرِ على أيامهم -يعني أيام بني أُمَيَّة- لا يدل على ذَمِّ أيامهم، فإنَّ ليلة القَدْرِ شريفة جدًّا، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القَدْر، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أُمَيَّة التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث! ! . . . ثم الذي يفهم من الآية أنَّ الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أُمَيَّة (٢)، والسورة مَكِّيَّةٌ، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أُمَيَّة! ولا يدلُّ عليها لفظ الآية ولا معناها! . والمنبر إنما صُنعَ بالمدينة بعد مدة من الهِجْرَة؛ فهذا كلُّه ممَّا يدلُّ على ضعف الحديث ونكارته، واللَّه أعلم.


(١) عزاه في "الدُّرِّ المنثور" (٨/ ٥٦٩) إلى ابن جَرِير والطبراني وابن مَرْدُوْيَه والبيهقي في "الدلائل".
(٢) في "سنن التِّرْمِذِيّ" (٥/ ٤٤٥) قال القاسم بن الفضل الحُدَّانيّ -وهو أحد رجال إسناد الحديث-: "فعددناها -يعني أيام خلافة بني أُمَيَّة- فإذا هي ألف شهر لا يزيد يوم ولا ينقص". وقد تعقَّبه في ذلك ابن كثير في الموطن السابق فانظره.

<<  <  ج: ص:  >  >>