"سكت عليه أبو داود أيضًا فهو: عنده صالح، وهو كذلك إسناده جيِّد، وهو وإن كان فيه من لم يسمّ فإنَّهم عدَّة من أبناء الصحابة يبلغون حدَّ التواتر الذي لا يُشترط فيه العدالة. فقد رُوِّيناه في "سنن البيهقي الكبرى" فقال في روايته: عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم".
وقال الحافظ السَّخَاويُّ في "المقاصد الحسنة" ص ٣٩٢ - ٣٩٣:"وسنده لا بأس به، ولا يضره جهالة من لم يسمّ من أبناء الصحابة فإنَّهم عدد ينجبر به جهالتهم، ولذا سكت عليه أبو داود". ثم أشار إلى سياقة البيهقي وقال:"وله شواهد بينتها في جزء أفردته لهذا الحديث أيضًا، ومنها عن عمر بن سعد رفعه: أنا خصم يوم القيامة لليتيم والمُعَاهَدِ ومن أخاصمه أخصمه".
والحافظ العراقي أورد حديث أبي داود المتقدِّم في معرض جوابه على ما نقله ابن الصلاح في "علوم الحديث" - في النوع الموفي ثلاثين: معرفة المشهور من الحديث ص ٢٢٣ - عن أحمد بن حنبل أنه قال:"أربعة أحاديث تدور عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في الأسواق ليس لها أصل". وذكر منها حديث:"منْ آذى ذِمِّيًّا فأنا خَصْمُهُ يومَ القيامةِ".
وقد بيَّن العراقي أنَّ هذا الكلام لا يصحُّ عن الإمام أحمد، حيث إنَّه أخرج حديثًا من تلك الأحاديث الأربعة في "مسنده". وأنَّ حديث:"من آذى ذِمِّيًّا. . ." معروف أيضًا بنحوه، وساق حديث أبي داود المتقدِّم.
غريب الحديث:
قوله:"من آذى ذِمِّيًّا": الذِّمِّيُّ: هو المُعَاهَدُ الذي أُعْطي عهدًا يأمنُ به على ماله وعِرْضِهِ ودِينه. وأهلُ الذِّمَّة: المُعَاهَدُونَ من أهل الكتاب ومن جرى مجراهم. سمُّوا بذلك لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم. انظر:"النهاية"(٢/ ١٦٨)، و"القاموس الفقهي" للأستاذ سعدي أبو جيب ص ١٣٨.