عن معاذ بن جَبَل أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لمَّا بعثه إلى اليمن مشى معه أكثر من ميل يُوصيه، فقال:"يا معاذُ أوصيكَ بتقوى اللَّهِ العظيمِ، وصِدْقِ الحديث، وأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وتَرْكِ الخِيَانَةِ، وخَفْضِ الجَنَاحِ، ولِينِ الكَلَامِ، ورَحْمَةِ اليَتِيمِ، والتَّفَقُّهِ في الدِّين، والجَزَعِ مِنَ الحِسَابِ، وحُبِّ الآخرةِ يا معاذ.
ولا تُفْسِدَنَّ أرضًا، ولا تَشْتُم مَسْلَمًا، ولا تصدِّق كاذبًا، ولا تُكَذِّب صادقًا، ولا تَعْصي إمامًا عادلًا.
يا معاذُ: أُوصيك بذكر اللَّه، يعني عند كُلِّ حَجَرٍ وشَجَرٍ، وأن تُحْدِثَ لكلِّ ذَنْبٍ توبةً، السِّرُّ بالسِّرِّ، والعَلانِيَةُ بالعَلانِيَةِ.
يا معاذُ: إنِّي أحبُّ لك ما أحبُّ لِنَفْسِي، وأَكْرَهُ لك ما أَكْرَهُ لها.
يا معاذُ: إنِّي لو أعلم أنَّا نلتقي إلى يوم القيامة لأقصرتُ لك من الوصية.
يا معاذُ: إنَّ أحبَّكُمْ إليَّ مَنْ لَقِيني يوم القيامة على مِثْل الحالةِ التي فارقني عليها.
وكتب له في عهده: أَنْ لا طلاق لامرئٍ فيما لا يملك، ولا عِتْقَ فيما لا يملك، ولا نَذْرَ في معصيةٍ، ولا في قطيعةِ رَحِمٍ، ولا فيما لا يملك ابن آدم، وعلى أن تأخذ من كُلِّ حَالِمٍ دينارًا أو عِدْله مَعَافِرَ، وعلى أن لا تمسَّ القرآنَ إلَّا طاهرًا، وأنَّك إذا أتيت اليَمَنَ يسألونك نصاراها عن مفتاح الجَنَّة فقل: مفتاح الجَنَّة لا إله إلَّا اللَّه وحده لا شريكَ له".
"قال أحمد بن عبيد: "مَعَافِر": يريد ثيابًا مَعَافِريَّة".
(٨/ ٤٣٥) في ترجمة (رُكْن بن عبد اللَّه بن سعد الدِّمَشْقي أبو عبد اللَّه).