قال الإمام المُنْذِريُّ في "مختصر سنن أبي داود"(٧/ ١٨٨): "والسَّائِبُ -هذا-، قد ذَكَرَ بعضهم أنَّه قُتِلَ كافرًا يوم بَدْرٍ، قتله الزُّبَيْر بن العَوَّام. وذكر بعضهم أنَّه أَسْلَمَ وحَسُنَ إسلامُهُ. وهذا هو المُعَوَّلُ عليه. وقد ذكره غير واحد من الأئمة في كُتُبِ الصحابة.
وهذا الحديث قد اخْتُلِفَ في إسناده اختلافًا كثيرًا. وذكر أبو عمر يوسف بن عبد البَرّ النَّمَري (١): أنَّ هذا الحديث مضطرب جدًّا، منهم: من يجعله للسَّائِب بن أبي السَّائِب، ومنهم: من يجعله لأبيه، ومنهم: من يجعله لقيس بن السَّائِب، ومنهم: من يجعله لعبد اللَّه -يعني عبد اللَّه بن السَّائِب-. وهذا اضطراب لا تقوم به حُجَّةٌ. والسَّائِبُ بن أبي السَّائِبِ: من المؤلفة قلوبهم" انتهى.
ورواه أحمد في "المسند"(٣/ ٤٢٥) من طريق مجاهد، عن السَّائِب بن أبي السَّائِب أنَّه كان يشاركُ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قَبْلَ الإسلام في التجارة، فلمَّا كان يوم الفتح، جاءه، فقال النبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم:"مرحبًا بأخي وَشَرِيكي، كان لا يُدَاري ولا يُمَاري. . . ".
وذكر الهيثمي في "المجمع"(٩/ ٤٠٩) حديثين عن عبد اللَّه بن السَّائِب، أنَّه هو الذي كان شَرِيكَ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم. وعزاهما للطبراني في "الكبير"، وقال عن الأول:"رجاله رجال الصحيح غير منصور بن أبي الأسود وهو ثقة". وقال عن الثاني:"رجاله رجال الصحيح".
أقول: هذا غير محفوظ، والمحفوظ أنَّ هذا لأبيه السَّائِب، كما نصَّ عليه الحافظ ابن حَجَر في "الإصابة"(٢/ ٣١٤) في ترجمة (عبد اللَّه بن السَّائِب).
غريب الحديث:
قوله:"لا يُشَاري" المشاراة: المُلاجَّة والملاحاة.
(١) انظر "الاستيعاب" له (٢/ ٣٨١) و (٣/ ٢٢٠ - ٢٢١).