للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما يجوز من الشِّعْرِ والرَّجَزِ والحُدَاءِ وما يُكْرَهُ منه: "وأمَّا ما أخرجه الخطيب في "التاريخ عن عائشة -وذكر الحديث المتقدِّم- فهو شيء لا يصحُّ. وممّا يدلُّ على وَهَائه: التعليل المذكور. والحديث الثالث في الباب -يعني حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري في الباب المذكور مرفوعًا: "أصدقُ كلمةٍ قالها الشَّاعِرُ كلمةُ لَبِيدٍ: ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلَا اللَّه بَاطِلُ. وكَادَ أُمَيَّةُ بنُ أبي الصَّلْتِ أنْ يُسْلِمَ" -يؤيد ذلك، وأنَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يجوز له أن يحكي الشِّعْرَ عن ناظمه. وقد تقدّم في غزوة حُنَيْن قوله صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "أنا النبيُّ لا كَذِبْ أنا ابن عبد المُطَّلِبْ". وأنَّه دَلَّ على جواز وقوع الكلام منه منظومًا من غير قصدٍ إلى ذلك، ولا يسمَّى ذلك شِعْرًا".

وقال الحافظ أيضًا في الموضع نفسه: "وقد اختلف في جواز تمثُّل النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بشيءٍ من الشِّعْرِ وإنشاده حاكيًا عن غيره، فالصحيح جوازه. وقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد"، والتِّرْمِذِيّ وصحَّحه، والنَّسَائي، من رواية المِقْدَام بن شُرَيْح عن أبيه: قلت لعائشة: أكانَ رسولُ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يَتَمَثَّلُ بشيءٍ مِنَ الشِّعْرِ؟ قالت: كانَ يَتَمَثَّلُ مِنْ شِعْرِ ابنِ رَوَاحَة (١): ويَأْتِيكَ بالأخْبَارِ مَنْ لم تُزَوِّدِ. وأخرج ابن أبي شَيْبَة نحوه من حديث ابن عبَّاس".

* * *


(١) قال العلَّامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع التِّرْمِذِيّ" (٨/ ١٤١): "اعلم أن نسبة عائشة رضي اللَّه عنها الشِّعْرَ المذكور إلى ابن رَوَاحة، نسبة مجازية. فإنَّه ليس له، بل هو لطَرَفَة بن العبد البكري في معلَّقته المشهورة، وقد نسبته عائشة إلى طَرَفَة أيضًا كما في رواية أحمد".
وانظر "جمع الوسائل في شرح الشمائل" للإِمام مُلَّا عليّ القاري (٢/ ٤١) -ط المطبعة الأدبية في القاهرة عام ١٣١٧ هـ-، حيث وجَّهه بالتغاير والانتقال، فقال: "ويتمثل: أي بشعر غيره أيضًا". وقال: "بقي إشكال وهو أنَّ الظاهر المتبادر أنَّ هذا البيت من كلام ابن رَوَاحة لا سيما على ما في نسخة: "ويتمثل بقوله"، وقد اتفقوا على أنه من شِعْرِ طَرَفَة، والجواب أنه كلام برأسه، والضمير المجرور لشاعرٍ مشهورٍ به معروف عندهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>