فيها، فَتُرِكَتِ الحُلَّةُ، وكُفِّنَ في ثلاثة أثوابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ. . . ".
ووقع عند النَّسَائي في الجنائز، باب كفن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم (٢/ ٣٦)، وأبي داود في الجنائز، باب في الكفن (٣/ ٥٠٧) رقم (٣١٥٢): "فَذُكِرَ لعائشة قولهم: في ثوبين وبُرْدٍ من حِبَرَةٍ. فقالت: قد أُتي بالبُرْدِ، ولكنهم ردوه ولم يُكَفِّنُوهُ فيه".
قال التِّرْمِذِيُّ في الجنائز، باب ما جاء في كفن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم (٣/ ٣١٣): "حديث عائشة حديث حسن صحيح. وقد روي في كفن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم روايات مختلفة. وحديث عائشة أصحُّ الأحاديث التي رويت في كفن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم".
وقال الشَّوْكَانيُّ في "نيل الأوطار" (٤/ ٤١): "قال الحاكم: إنّها تواترت الأخبار عن عليّ وابن عبَّاس وابن عمر وعبد اللَّه بن مُغَفَّل وعائشة في تكفين النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عِمَامة".
أقول: وأمَّا ما ذكره الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري" (٣/ ١٤٥) -في الجنائز، باب الثياب البيض للكفن- من أنّ أبا داود قد أخرج بإسناد حسن من حديث جابر: "أنَّه عليه الصلاة والسَّلام كُفِّنَ في ثوبين وبُرْدٍ حِبَرَةٍ". فإنَّه وهم من الحافظ رحمه اللَّه، فإنِّي لم أجده في "سنن أبي داود"، ولم يذكره المزِّيُّ في "تحفة الأشراف"، ولا ابن الأثير في "جامع الأصول". وقد تابعه على وهمه هذا نقلًا عنه، الشَّوْكَاني في "نيل الأوطار" (٤/ ٤٠ - ٤١)، والتهانوي في "إعلاء السنن" (٨/ ١٩٥)، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
وقد ذكر ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٢/ ٢٨٤ - ٢٨٥) بعض الأخبار المرسلة عن عدد من التابعين أنه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كُفِّنَ في ثوبين وبُرْدَة حِبَرَة. فانظرها إن شئت.