وقال السَّخَاويُّ أيضًا في "المقاصد" ص ٣٧: "وقد سئل شيخنا -يعني الحافظ ابن حَجَر- عن هذا الحديث فقال: إنَّه جاء من طرق لا تخلو من مَقَالٍ. وقد جَمَعَ طرقه البيهقي في كتاب "المَدْخَل"".
ورواه ابن الجَوْزِي في "الموضوعات"(١/ ٢٥٧ - ٢٥٨) من طريق أشعث بن بَرَاز، عن قَتَادة، به. ثم نقل ما تقدَّم عن العُقَيْلِي، وقال:"وذكر أبو سليمان الخَطَّابي عن السَّاجِي عن يحيى بن مَعِين قال: هذا الحديث وَضَعَتْهُ الزنادقة. قال الخَطَّابي: هو باطل لا أصل له".
وتعقَّبه السُّيُوطيُّ في "اللآلئ"(١/ ٢١٣ - ٢١٤)، وتابعه ابن عَرَّاق في "تنزيه الشريعة"(١/ ٢٦٤ - ٢٦٥)، بكونه ضعيفًا لا موضوعًا، وأنَّ له من الشواهد ما يَدْفَعُ عنه الوضعَ.
وعلَّق المحققان لكتاب "تنزيه الشريعة" على هذا التعقيب بقولهما: "الحديث باطل منكر جدًّا كما قال العُقَيْلِي وغيره، ومحاولة المؤلف -يعني ابن عَرَّاق- تبعًا للسُّيُوطيّ تقويته غلط، فإنَّ الحديث مِنْ وَضْعِ بعض الزنادقة للتلاعب بالسُّنَّة، وغَفَلَ السُّيُوطيُّ ثم المؤلف رحمهما اللَّه عن هذا المقصد الخبيث".
أقول: ما تقدَّم من القول بوضع الحديث، إنَّما هو منصرف إلى الطريق الذي فيه زيادة قوله:"قُلْتُهُ أو لم أَقُلْهُ"، فإنَّها ولا شَكَّ زيادة مِنْ وَضْعِ الزنادقة أعداء السُّنَّة المُطَهَّرة؛ أمَّا الطريق الذي ليست فيه هذه الزيادة فإنَّه مُرْسَلٌ قَويٌّ، وليس فيه إلَّا الدلالة على أنَّ من أدلَّة صدق الحديث أن يكون موافقًا لقواعد الشريعة ومُحْكَمَاتِها ومقاصدها، وأنَّه إذا جاء على خلاف ذلك كان دليلًا على بطلانه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.