مات سنة ثلاثين -يعني ومائة-. وقال البُخَاري عن هارون بن محمد بن الفَرْوي: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. وقال ابن المَدِيني عن أبيه: بلغ ستًا وسبعين سنة. قلت -القائل ابن حَجَر-: فيكون مولده على هذا قبل سنة ستين بيسير، فتكون روايته عن عائشة وأبي هريرة وعن أبي أيوب الأنصاري وأبي قَتَادَة وسَفِينة ونحوهم مرسلة".
لكن يُشْكِلُ على ذلك ما قاله التِّرْمِذِيُّ في "العلل الكبير" (١/ ٣٧٣) حين سأل شيخه البُخَاري: "محمد بن المُنْكَدِر سمع من عائشة؟ فقال: نعم. روى مَخْرَمَة بن بُكَيْر عن أبيه عن محمد بن المُنْكَدِر قال: سمعت عائشة". وعائشة رضي اللَّه عنها توفيت سنة (٥٧ هـ) على الصحيح كما قال ابن حَجَر في "التقريب" (٢/ ٦٠٦).
ويَرِدُ عليه ما قاله ابن مَعِين في "تاريخه" (٣/ ١٦٤): "لم يسمع محمد بن المُنْكَدِر من أبي هريرة". وفي "المراسيل" لابن أبي حاتم ص ١٥٢ عن أبي زُرْعَة الرَّازِيّ: "محمد بن المنكدر لم يَلْقَ أبا هريرة".
و(أبو هريرة) رضي اللَّه عنه توفي في السنة التي توفيت فيها السيدة عائشة. قال هشام بن عُرْوَة كما في "التهذيب" (١٢/ ٢٦٦): مات أبو هريرة وعائشة سنة سبع وخمسين، وفيها أرَّخَهُ خَلِيفة وعمرو بن عليّ وأبو بكر وجماعة". وفي "التقريب"(٢/ ٢٨٤): "مات سنة سبع -يعني وخمسين-، وقيل: سنة ثمان، وقيل: تسع وخمسين، وهو ابن ثمان وسبعين سنة".
وهذا كلُّه يرجِّح عندي انقطاعه بين (محمد بن المُنْكَدِر) وبين (أبي أيوب الأنصاري) رضي اللَّه عنه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
كما أنَّ في الإسناد عنعنة (ابن جُرَيْج -عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيْج الأُمَويّ المَكِّيّ-): وهو ثقة كثير التدليس. وقد تقدَّمت ترجمته في حديث (١٣٢).