فهو يذهب إلى حُسْنِهِ لذلك، بل يعتبر حديث الحارث بن أبي أُسامة صالحًا بنفسه ناقلًا كلام المُنَاوي مقرًّا له. وهذا كلُّه موضع نظر عندي.
فالشاهد الذي اعتبره أنّه يقوِّيه ويأخذ بعضده، وهو حديث الحارث بن أبي أُسامة عن أبي شَيْبَة الخُدْري، ما هو في حقيقة الأمر إلَّا حديث مصعب بن شَيْبَة المتقدِّم! ! .
وقد ذكره الحافظ ابن حَجَر في "المطالب العالية"(٣/ ٣٣) رقم (٢٨٠٥) ونصُّه فيه: "ابن أبي شَيْبَة أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "إذا دخل أحدكم إلى القوم فأوسع له فليجلس، فإنما هي كرامة من اللَّه أكرمه بها أخوه المسلم، فإن لم يوسع له فلينظر أوسعها مكانًا فليجلس فيه". للحارث".
أقول: قوله "ابن أبي شَيْبَة" خطأ. ففي "العلل" للدَّارَقُطْنِيِّ (٧/ ٣٨ - ٣٩): "وسُئل عن حديث أبي شَيْبَة -وقال بعضهم: ابن شَيْبَة- عن النبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "إذا أتى أحدكم القوم فوسَّع له أخوه فليقعد فإنها كرامة أكرمه اللَّه بها، وفيه: ثلاث يصفين لك، ودّ أخيك". فقال -يعني الدَّارَقُطْنِيّ-: يرويه حمَّاد بن سَلَمَة، عن عبد الملك بن عُمَيْر عنه. ورواه موسى بن عبد الملك بن عُمَيْر عن أبيه فقال: عن شَيْبَة الحَجَبي عن عَمِّه. قاله أبو المُطَرِّف بن أبي الوزير، عن موسى بن عبد الملك. فإن كان حفظه فقد وصل إسناده وأغرب به، واللَّه أعلم".
وقد علَّق محقق "المطالب العالية" الشيخ الأعظمي رحمه اللَّه على قوله: "ابن أبي شَيْبَة": "كذا في الأصلين، والصواب عن ابن شَيْبَة كذا رواه حمَّاد بن سَلَمَة". وذَكَرَ ما تقدَّم عن الدَّارَقُطْنِيّ نقلًا عن الحافظ ابن حَجَر في "الإِصابة"(٤/ ١٠٤) الذي أورده.
وممَّا يؤكِّد أنَّ حديث الحارث بن أبي أُسامة عن ابن شَيْبَة، هو ذات حديث (مصعب بن شَيْبَة) المتقدِّم، أنَّ الإِمام البُخَاري في "التاريخ الكبير"(٧/ ٣٥٢) في ترجمة (مصعب بن شَيْبَة بن جُبَيْر بن شَيْبَة بن عثمان القُرَشي الحَجَبي) قال: "قال