هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قَبَّحَ وجهه، فزجر صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لأن وجه آدم شبيه وجه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قَبَّحَ اللَّهُ وَجْهَكَ وَوَجْهَ من أشبه وجهك، كان مقبِّحًا وجه آدم -صلوات اللَّه وسلامه عليه-، الذي وجوه بَنِيه شبيهة بوجه أبيهم".
وقال الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري" (١١/ ٣) -في أول كتاب الاستئذان-: "اختلف إلى ماذا يعود الضمير؟ فقيل: إلى آدم، أي: خلقه على صورته التي استمر عليها إلى أن أُهْبِطَ، وإلى أن مات، دفعًا لتوهم من يظن أنّه لمّا كان في الجنّة كان على صفة أخرى، أو ابتدأ خلقه كما وجد، ولم ينتقل في النشأة كما ينتقل ولده من حالة إلى حالة. . . وقيل: الضمير للَّه، وتمسك قائل ذلك بما ورد في بعض طرقه:"على صورة الرحمن" والمراد بالصورة: الصفة، والمعنى: أن اللَّه خلقه على صفةٍ مِنَ العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك، وإن كانت صفات اللَّه تعالى لا يشبهها شيء".
وقال الحافظ أيضًا رحمه اللَّه في "الفتح" (٥/ ١٨٣) -في العِتْق، باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه-: "وقال حَرْب الكَرْماني في كتاب "السُّنَّة": سمعت إسحاق بن رَاهُوْيَه يقول: صَحَّ أنَّ اللَّه خَلَقَ آدم على صورة الرحمن. وقال إسحاق الكَوْسَج: سمعت أحمد، يقول: هو حديث صحيح. وقال الطبراني في كتاب "السُّنَّة": حدثنا عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل قال: قال رجل لأبي: إنَّ رجلًا قال: خلق اللَّه آدم على صورته -أي صورة رجل- فقال: كذب، هو قول الجَهْمِيَّة".
وقال الآجُرِّيّ في كتاب "الشريعة" ص ٣١٥: "هذه من السُّنَّة التي يجب على المسلمين الإيمان بها، ولا يقال فيها: كَيْفَ؟ وَلِمَ؟ بل تُسْتَقْبَلُ بالتسليم والتصديق، وترك النظر، كما قال من تقدَّم من أئمة المسلمين".
ورحم اللَّه الإِمام الذَّهَبِيّ حيث يقول في كتابه "سِيَر أعلام النبلاء"