أنه إذا كان ضعيفًا ضعفًا مُحْتَمَلًا، وَوُجِدَ له من المتابعات أو الشواهد، أو كليهما، ما يعضِّدُهُ ويقوِّيهِ، ويرفعُهُ من مرتبة الضعف إلى مرتبة القبول، ذكرتُهُ، وبَيَّنْتُ حال تلك المتابعات والشواهد ومن خَرَّجَهَا.
أمّا إذا كان ضَعْفُهُ غيرَ مُحْتَمَلٍ، ولا يَقْبَلُ تعضيدًا -بَيْدَ أَنَّ مَتْنَ الحديث قد رُوي من طُرقٍ مقبولةٍ أخرى، صحيحةٍ أو حسنةٍ، أو بمجموعها كانَ مقبولًا- بَيَّنْتُهُ أيضًا، أولًا: بذكره على سبيل الإِجمال مقترنًا مع درجة إسناد الحديث في أول البحث، وثانيًا: بتفصيله عند الكلام عن التخريج.
وهذا المَسْلَكُ إنّما كان لرفع كُلِّ ظنٍ أو اشتباهٍ يمكن أَنْ يَحْصُلَ من جرَّاءِ ذِكْرِ الحُكْمِ على الإِسناد وحْدَهُ، كما يفعلُهُ الكثير من الدَّارِسينَ والمخرِّجينَ.
ثالثًا: تخريجُ الحديث، بذكر من خَرَّجَهُ، من الأئمة في مصنَّفاتهم، وبيانُ طُرُقِهِمْ وحَصْرُها قَدْرَ الإِمكان والحاجة، ثم الكلامُ عنها، وبيانُ ما فيها من عللٍ إن وجدت، مستهديًا في ذلك كلِّه بقواعدِ أصولِ التخريج، وقواعدِ علومِ الحديثِ، وكلامِ أئمةِ هذا الفَنِّ، وأحكامهم، وتَنْقِيداتِهِمْ، وتحقيقاتهمْ، مُتَابِعًا لهم على بَصيرةٍ وعِلْمٍ، مُخَالِفًا لبعض ما صَدَرَ عنهم عند وجودِ ما يوجبُهُ، مقترنًا بالحجَّة والدليل. ومُنَبِّهًا على بعض ما يَلْزَمُ التنبيه عليه ممّا كان من بعض الباحثينَ والمشتغلينَ بهذا العلم من المُعَاصرين، مما له صلةٌ بالبحث، نُصْحًا وأَمَانَةً، دون تعسفٍ أو تجاوزٍ أو حَيْفٍ إن شاء اللَّه تعالى، سائلًا المولى جَلَّ شأنه أَنْ أُرْزَقَ من يَدُلُّنِي على عِثَارٍ لي، مأجورًا مشكورًا، فالخطأُ مُلازِمٌ للعمل البشري مهما بلغ من الجودة والإِتقان، لا يُعْصَمُ منه أحدٌ، إلّا من عصمه مولاه سبحانه. وعَقِبَ التخريج أذكرُ غريبَ الحديث إنْ كان فيه غريبٌ، حتى يُعْلَمَ معناهُ، ويوقفَ على فوائده وأحكامه.
وقد قَدَّمْتُ لهذا العمل الذي ضمَّه ثالث أبواب الكتاب، وهو أُسُّها وقاعِدَتُهَا، بدراسةٍ لازمةٍ كاشفةٍ، ضمَّت بابين اثنين.