للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفى عنه الفضائل الثلاث التي هي أصول الفضائل، وهي: الشجاعة التي هي القوة الغضبية حيث قال: لا يسير بالسرية والعفة التي هي كمال القوة الشهوانية حيث قال لا يقسم بالسوية. والحكمة: التي هي كمال القوة العقلية حيث قال ولا يعدل في القضية. والثلاثة تتعلَّقُ بالنفس والمال والدين، فقابلها سعد بثلاث مثلها، فدعى عليه بما يتعلَّق بالنفس، وهو طول العمر، وبما يتعلَّق بالمال وهو الفقر، وبما يتعلَّق بالدين وهو الوقوع في الفتن.

(وكان) أي: الرجل المفتون، وفي نسخة: "فكان". (إذا سئل) أي: عن حال نفسه. (شيخ) أي: أنا شيخ. (كبير) أي: بالدعوة الأولى. (مفتون) أي: بالثالثة، واكتفى عن الثانية بعموم قوله: (أصابتني دعوة سعد) فإنها تعمُّ الثلاث. (فأنا) في نسخة: "وأنا". (في الطريق) في نسخة: "في الطرق". (يغمزهنَّ) أي: يعصر أعضاءهنَّ بأصابعه. وفيه: إشارة إلى الفتنة والفقر؛ إذا لو كان غنيًّا لما احتاج إلى ذلك.

ووجه مطابقة الحديث للترجمة: أن قوله: (فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أخرم عنها) يدل على جميع ما فيها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يترك القراءة والجهر والسر في محلهما في الصلاة في حضر ولا سفر، وهو بقرينة الحديث الآتي وغيره يدلُّ على وجوب القراءة في الصلاة، وعلى ندب الجهر والسر في محلهما بناءً على استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، وهو ما عليه الشافعيُّ.

وفي الحديث: أن من سُعِيَ به من الولاة يسأل عنه الإمام في موضع عمله أهل الفضل منه، وأنَّ الإمام يعزل من شكي منه وإن كُذِبَ عليه إن رآه مصلحة؛ لئلَّا يُبْقي عليهم أميرًا وفيهم من يكرهه؛ خوفًا من إساءةٍ في العاقبة، وخطاب الرجل بمدحه في وجهه إذا لم يخف منه فتنة بإعجاب ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>