تعالى ونعمته، ليعبدوه حيث قلب كلًّا منهم من تلك الأطوار إلى كونه إنسانًا كاملًا حسن الصورة متحليًا بالعقل والشهامة، ومنها: تنبيه الناس على كمال قدرته على الحشر والنشر؛ لأن من قدر على خلق الإنسان من ماء مهين، ثم من علقة ومضغة يقدر على صيرورته ترابًا ونفخ الروح فيه وحشره في المحشر للحساب والجزاء.
(باب: جف القلم على علم اللَّه) أي: على حكمه؛ لأن معلومه لا بد من وقوعه فالعلم به يستلزم الحكم بوقوعه وجفاف القلم أراد به الفراغ من الكتابة فهو مجاز من إطلاق اللازم على الملزوم. لأن الفراغ من الكتابة يستلزم جفاف القلم عن مداده مخاطبة لنا بما نعهد. ({وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}) أي: منه تعالى أي: عالما بأنه من أهل الضلالة، وأشار بهذه الجملة إلى أنها في معنى ما قبلها من حيث الجار والمجرور حال، لكنه فيها حال من الجلالة المذكورة وفيما قبلها من المقدرة. ({لَهَا سَابِقُونَ}) أي: في قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)} [المؤمنون: ٦١]. (سبقت لهم السعادة) أي: تقديرها فالسعادة سبقتهم فقوله: ({لَهَا سَابِقُونَ}) أي: لأجلها لا أنهم سبقوها.