{لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}[النساء: ١٣٧]. (وهم أتباعُ الرسل) أي: لأنَّ الأشرافَ يأنفون من تقدم مثلِهم عليهم بخلافِ الضعفاء، فإنَّهم يُسرعون إلى الانقيادِ واتباعِ الحقِّ، وهذا بحسب الغالبِ، كما مرَّ.
(أيرتد أحدٌ؟) حكمة هذا السؤال: أنَّ مَن دخلَ على بصيرةٍ في أمرٍ محققٍ لا يرجع، بخلافِ مَن دخلَ في باطلٍ، لا يُقالُ: فقد ارتد بعض من آمن؛ لأنَّا نقولُ: وقوعُ ذلك لم يكن في أوائل الأمرِ، أو ليس لسخطةِ الدِّين، بل لمعنى آخرَ، كحبِّ الرياسةِ.
(حين) في نسخةٍ: "حتى". (تخالطُ بشاشته القلوبَ) أي: تخالطُ بشاشةُ الإيمان القلوبَ، فالبشاشةُ: وهي انشراحُ الصدرِ للحق ووضوحُه: فاعلُ تخالط، والقلوب: مفعولٌ به، وفي نسخةٍ:"بشاشة القلوبِ" بنصب بشاشة وإضافته إلى القلوب، أيْ: يخالطُ الإيمانُ بشاشةَ القلوب، ففاعلُ يخالطُ ضميرٌ مستترٌ.
(وكذلك الرُّسلُ لا تغدر) لطلبهم الآخرةَ، ومَن طلبها لا يرتكبُ غدرًا، ولا غيره من القبائح، بخلافِ طالبِ الدنيا لا يبالي بذلك. (بما يأمُرُكم) هو مِن القليلِ في إثباتِ ألفِ ما الاستفهاميةِ عِنَد دخول الجارِّ عليها (١).
(ولا تُشركوا) أدخلَهُ في المأمورِ معَ أنَّه مَنهيٌ، بناءً على أنَّ الأمرَ
(١) جعل المصنف إثبات ألف ما الاستفهامية عند دخول عليها قليلًا، فظاهر كلامه أن حذف الألف كثير. والمشهور عند النحاة وجوب حذف ألف ما الاستفهامية إذا سبقها حرف الجر، وإبقاء الفتحة على الميم دليلًا عليها. وعليه جاء القرآن الكريم. قال تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣)}، وقال: {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: ٣٥] وقال: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} وقال: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (١)}.