(من سبقكم) أي: من أهل الأموال الذين امتازوا عليكم بما ذكرتم. (وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه) وفي نسخة: "بين ظهرانيهم" اعتبر في الأولى لفظ: من، وفي الثانية: معناها، والمعنى: من أنت بينهم ولا ينافي قوله: (وكنتم خير) قوله: (أدركتم) الذي ظاهره المساوة؛ لأنَّا نمنع أن الإدراك قاصر على المساواة، فقد يوجد مع الإدراك بزيادة. (إلا من عمل مثله) أي: إلا الغني الذي يسبح، فإنه خير منكم، أو مثلكم، لكن الاستثناء إذا عاد على كل من الجملتين قبله على قاعدة الشافعي لزم أن يكون الأغنياء أفضل؛ إذ معناه: إن أخذتم أدركتم (إلا من عمل مثله)، فإنكم لا تدركون، واستشكل مساواة هذا الذكر؛ لفضل التقرب بالمال مع شدة المشقة فيه من الجهاد ونحوه.
وأجيب: بأنه لا يلزم أن يكون الثواب على قدر المشقة مطلقًا، بل يجوز أن يفوق الذكر مع سهولته الأعمال الشاقة، وإن ورد أفضل العبادات آخرها؛ لأن الشهادتين مع سهولتهما أفضل من سائر العبادات، ولأن في الإخلاص في الذكر من المشقة لا سيما الحمد في حال الفقر ما يصير الذكر به أعظم الأعمال.
(تسبحون وتحمدون وتكبرون) بدأ بالتسبيح؛ لتضمنه نفي النقائص عنه تعالى، ثم التحميد؛ لتضمنه إثبات الكمال له، ثم بالتكبير، لإفادته أنه أكبر من كل شيء. (خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين) تنازع فيه الأعمال الثلاثة قبله، والمراد بالصلاة: المكتوبة. (فاختلفنا) أي: أنا، ومن حضرني، هل كل الثلاثة ثلاثًا وثلاثين؟ أو كل من الأوليين ثلاثًا وثلاثين، والأخير أربعًا وثلاثين؟ الدال عليه قوله:(فقال بعضنا .. إلخ). (فرجعت) أي: قال سُمي: فرجعت إليه أي: إلى أبي صالح، فالضمير في قوله:(فاختلفنا) لسمي أيضًا، ومن حضره، ويحتمل أن يكون لأبي