للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلاة الجمعة. (أو ما قدر له) فرضًا أو نفلا. (ثم ينصت) بضم أوله من أنصت أي: سكت، وبفتحه من نصت بمعناه، ويجيء أنصت أيضًا متعديًا فيقال: أنصته. (إذا تكلم الإمام) شرع في الخطبة. (ما بينه) أي: بين يوم الجمعة الحاضرة. (وبين الجمعة الأخرى) أي: الماضية أو المستقبلة، فـ (الأخرى) تأنيث الآخر بفتح الخاء لا بكسرها، والمغفرة كما تكون للماضي تكون للمستقبل، بأن يعفى عنه إذا وقع، قال تعالى {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢] لكن في رواية عن ابن خزيمة "ما بينه وبين الجمعة التي قبلها" (١) وجرى عليه شيخنا (٢)، وعلى الأول الكرماني وهو أقعد (٣)، وما وقع في هذه الرواية خرج مخرج الغالب من استعمال (غفر) في الماضي، والمراد: غفران الصغائر لما في رواية لابن ماجه: "ما لم تغش الكبائر" (٤) أي: فإنها إذا غشيت لا تكفر، فغشيانها مانع من التكفير لها، وذلك جار على قاعدة: إنه إذا اجتمع المانع والمقتضي قدم المانع، وليس المراد: أن تكفير الصغائر بالمذكورات متوقف على اجتناب الكبائر إذ اجتنابها بمجرده يكفر به الصغائر، كما نطق به القرآن في قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١] أي: صغائركم، ولا يلزم من ذلك أن لا يكفرها إلا اجتناب الكبائر، فإن لم


(١) لم أقف عليه بهذا اللفظ عند ابن خزيمة في "صحيحه" وإنما ورد بلفظ عنده: " ... فهو كفارة له إلى الجمعة التي تليها ... ".
(٢) "الفتح" ٢/ ٣٧٢.
(٣) "البخاري بشرح الكرماني" ٦/ ٩ - ١٠.
(٤) "سنن ابن ماجه" (١٠٨٦) كتاب: إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الغسل يوم الجمعة. وصححه الألباني. انظر: "السلسلة الصحيحة" ٧/ ١٦٣٩ (٣٦٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>