(٢) قال ابن عثيمين -رحمه الله- في تعليقه على هذا الحديث في "شرح رياض الصالحين": لا يعارض هذا خبر مسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسَّ الحصا فقد لغا" رواه مسلم (٨٥٧) لأن حديث الباب فيه زيادة على الحديث الأول فيؤخذ بها، كما أنه أيضًا أصح منه؛ فإنه أخرجه الأئمة السبعة، وهذا لم يخرجه إلا مسلم، فيجب أولًا على من أراد حضور الجمعة أن يغتسل وجوبًا، فإن لم يفعل كان آثمًا، ولكن الجمعة تصح؛ لأن هذا الغسل ليس عن جنابة حتى نقول: إن الجمعة لا تصح، بل هو غسل واجب، كغيره من الواجبات، إذا تركه الإنسان أثم، وإن فعله أثيب، ويدل على أنه ليس شرطًا لصحة الصلاة، وإنما هو واجب حديث: أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان دخل ذات يوم وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة فسأله أمير المؤمنين عثمان بن عفان دخل ذات يوم وأمير المؤمنين، ما زدت على أن توضأت ثم أتيت -يعني: كأنه شغل - رضي الله عنه - ولم يتمكن من الحضور مبكرًا- فقال عمر وهو على المنبر والناس يسمعون: والوضوء أيضًا وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل"! يعني: كيف تقتصر على الوضوء وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك. فأمر من أتى الجمعة بالاغتسال ولكن لم يقل له: اذهب فاغتسل؛ لأنه لو ذهب واغتسل، فربما تفوته الجمعة التي من أجلها وجب الغسل فيضيع الأصل إلى الفرع. قلت: قال أكثر أهل العلم: بأن الغسل يوم الجمعة ليس واجبًا وهو قول الحنفية والشافعية والحنابلة والمالكية، وقال به الثوري والأوزاعي وابن المنذر، قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا على أن غسل الجمعة ليس بفرض، وحكي رواية عن أحمد: أنه واجب، وروي ذلك عن أبي هريرة، وبه قال أهل الظاهر. (٣) سبق برقم (٨٧٧) كتاب: الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة.