ثم اختلف العلماء -رحمهم الله- هل يلحق في ذلك صلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة صلاة عيد. قالوا: تلحق بصلاة العيدين، فيأتي إلى الجمعة من طريق ويرجع من طريق آخر. ثم توسع بعض العلماء وقالوا: يُشرع ذلك أيضًا في الصلوات الخمس، فيأتي مثلًا في صلاة الظهر من طريق ويرجع من طريق آخر، وهكذا في صلاة العصر وبقية الصلوات، قالوا: لأن ذلك حضور إلى الصلاة فيقاس على صلاة العيد. توسع آخرون فقالوا: تُشرع مخالفة الطريق في كل تعبد، كل عبادة تذهب إليها فاذهب إليها (طريق وارجع منها من طريق آخر، حتى عيادة المريض، فإذا عدت مريضًا فاذهب إليه من طريق وارجع من طريق آخر، وكذلك إذا شيعت جنازة، فاذهب من طريق وارجع من طريق آخر. وكل هذه الأقيسة الثلاثة كلها ضعيفة؛ لا قياس لصلاة الجمعة على العيدين، ولا بقية الصلوات على العيدين ولا المشي في العبادة على العيدين؛ وذلك لأن العبادات ليس فيها قياس، ولأن هذه الأشياء كانت في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام -، كان في عهده الجمعة، والصلوات الخمس، وعيادة المريض، وتشييع الجنائز، ولم يحفظ عنه أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يخالف الطريق في هذا. والشيء إذا وجد في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يسن فيه شيئًا، فالسنة ترك ذلك. أما في الحج: فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خالف الطريق في دخوله إلى مكة؛ دخل من أعلاها، وخرج من أسفلها، وكذلك في ذهابه إلى عرفة، ذهب من =