(ولا تأتون) في نسخةِ: "ولا تأتُوا"(ببهتان) البهتانُ: هو الكذب الذي يُبهِتُ سامعَهُ أي: يدهشُه لفظاعتِه. (تفترونه) أي: تختلقونه.
(بين أيديكم، وأرجلِكم) ذُكرتْ مَعَ أنَّها لا مدخَل لها في البهتِ؛ لأنَّ الجناياتِ تضافُ إليها غالبًا، ولأنه يُكنى بها عن الذاتِ، والمعنى: لا تأتوا ببهتانِ مِن قبل أنفسكم؛ ولأنَّ البهتانَ ناشئٌ عن القلب الذي هو بين الأيدي، والأرْجلِ، ثمَّ يبرزُهُ بلسانهِ (في معروفِ) هو ما يُحسن، وهو ما لم يَنْهَ الشارعُ عنه ويقالُ: هُوَ ما عُرِفَ مِن الشارع حسنه نهيًا وأمْرًا، وقُيِّدَ بالمعروفِ تطيبًا لقلوبهمِ، وإلَّا فهو - صلى الله عليه وسلم - لا يأمرُ إلا به، وفيه: التنبيهُ على أنَّه لا يجوزُ طاعةُ مخلوقٍ في معصيةِ، وخص ما ذكر مِن المناهي بالذكرِ بالاهتمام به (فمن وَفى) بالتخفيف، وفي نسخةٍ:"وَفَّى" بالتشديد، ويقالُ فيه أيضًا: أَوفَى، والمعنى: فمَن ثبت منكم على ما بايع عليه.
(فأجره على الله) فضلًا وَوَعْدًا بالجنةِ لا وجوبًا، فتعبيرهُ بعلى وبالأجر؛ للمبالغة في تحقق وتوهمِ (من ذلك شيئًا) أي: غير الشرك، و (مِن) للتبعيض (فعوقب) أي: لسبب ما أصاب، والحكمةُ في عطفِ جملةِ (عُوقِبَ في الدنيا) بالفاءَ وجملة (ستره الله) بثمَّ: التنفيرُ عن مواقعة المعصيةِ، فإنَّ السامع إذا عَلِم أن العقوبةَ مفاجئة لإصابةِ السيئةِ وأنَّ الستَر متراخِ، بعثَهُ ذلك على اجتنابِ المعصيةِ وتوقِّيها (١).
(١) ذلك أن (ثم) تفيد الترتيب والتراخي، والفاء تفيد الترتيب والتعقيب.