للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذنبُ قومهِ، قالَ العلامةُ البرماويُّ (١): وكلها ضعيفة، والصواب: أن معنى الغفرانِ للأنبياءِ: الإحالةُ بينهم وبين الذنوبِ، فلا يصدرُ منهم ذنبٌ؛ لأن الغفرَ: السترُ، فالسترُ: إمَّا بيَن العبدِ والذنبِ، أو بينَ الذنبِ وعقوبتِه، فاللائقُ بالأنبياء الأوَّلُ، وبالأممِ الثاني.

(فيغضبُ حتى يُعرفَ) بلفظِ المضارع فِيهما، حكاية عنِ الحالِ الواقعةِ واستحضار تلكَ الصورةِ الواقعةِ للحاضرينَ، وفي نسخةٍ: "فغضبَ حتى عُرِفَ"، بلفظِ الماضي فيهما، و (يعرف)؛ على الأوَّلِ منصوبٌ بأن مضمرةٍ بعد حتى، ويجوز رفعُهُ (٢) عطفًا على يغضب، ومعنى الغضبِ: السخطُ.

(ثم يقولُ) يجوز رفعهُ ونصبُهُ أيضًا، إن عُطِفَ على يعرف، فإن عُطِفَ على يغضب تعيَّنَ رفعُهُ (٣).

(إنَّ أتقاكم وأعلمكم بالله أنا) وأشارَ بالأوَّلِ: إلى كمالِهِ - صلى الله عليه وسلم - في القوةِ العمليةِ، وبالثاني: إلى كمالِهِ - صلى الله عليه وسلم - في القوةِ العلميةِ، والتقوى ثلاثُ مراتبَ: وقاية النفس عن الكفر وهو للعامةِ، وعن المعاصي: وهو للخاصةِ، وعمَّا سوى الله: وهو لخواصِّ الخاصةِ، والعلمُ بالله إما بصفاتهِ: وهو المسمَّى بأصولِ الدِّينِ، أو بأحكامهِ: وهو فروعُ الدينِ، أو بكلامهِ: وهو علم القرآنِ وما يتعلقُ بهِ، أو بأفعالِهِ: وهو العلم بحقائقِ أشياءِ العالمِ، ولمَّا جمع - صلى الله عليه وسلم - أنواع التقوى، وأقسامَ


(١) سبقت ترجمته، انظر الحديث الأول.
(٢) على إهمال (حتى) ورفع الفعل بعدها. ومما جاء على ذَلِكَ قراءة {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} بالرفع. وفيه أيضًا قول الشاعر:
أحبُّ لحُبِّها السُّودانَ حَتَّى ... أُحِبُّ لحُبِّها سُودَ الكِلَابِ
(٣) لأن (يغضب) لا يجوز فيه إلا الرفع بخلاف (يُعرف) فيجوز فيه النصب والرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>