تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}[التوبة: ١١٣]؛ إذ النهي عن ذلك لم يكن مصرحًا به. (خيرتين) بكسر المعجمة: تثنية خيرة بوزن عنبة، أي: لنا مخير بين الاستغفار وعدمه. قال الزركشي: استشكل التخيير مع قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} فإن هذه الآية نزلت عقب موت أبي طالب حيث قال: "والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"(١) وهو متقدم على الآية التي فهم منها التخيير، وأجيب: بأن المنهي عنه في هذه الآية استغفار مرجو الإجابة حتى يكون مقصوده تحصيل المغفرة، كما في أبي طالب، بخلاف استغفاره للمنافقين، فإنه استغفار لسان قصد به تطييب قلوبهم. ({وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}) زاد في نسخة: " {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} " أي: ولا تقف عليه للدفن؛ أو للزيارة، وإنما لم ينه عن التكفين في قميصه أيضًا؛ لأن النهي عن التكفين بالقميص كان مخلًا بالكرم؛ ولأنه كان مكافاة لإلباسه العباس قميصه، كما مرَّ.
(بعد ما دفن) أي: دُلي في حفرته، ففي التعبير بالدفن تجوز، وجمع بين هذا، وبين ما مرَّ من أنه [أعطى قميصه لابنه بأن معنى أعطاه: أنعم له به، فأطلق على العدة إعطاء مجازًا لتحقق وقوعها، أو
(١) سيأتي برقم (١٣٦٠) كتاب: الجنائز، باب: إذا قال المشرك عند الموت: لا إله إلا اللَّه.