الواو، على الإضراب عن جزم سعد بأنه مؤمن؛ إذ الإيمان يتعلق بالباطن وهو القلب، والباطن لا يعلمه إلا الله تعالى، وليس فيه الحكم بأنه غير مؤمن، على ما زعمه بعضهم إذ ليس فيه إيجاب أنه مؤمن، بل النهي عن القطع بإيمانه لعدم مقتضى القطع، بل فيه إشارة إلى كونه مؤمنًا بقوله. (لأعطي الرجل، وغيره أحبُّ إليه منه) وعليه فمطابقة الحديث للترجمة: إنما هو بإطلاق لفظ الإسلام في مقابلة الحقيقيِّ، من غيرِ تعرض لحال الشخص، والإنكار على سعد إنما على جزمه كما مرَّ، فسقط ما قيل: إن الحديث ليس مطابقًا للترجمة، وإنَّ ردَّه - صلى الله عليه وسلم - على سعد لا فائدة له. (فعدت لمقالتي) أي: رجعت لقولي. (وغيره أحب) جملة حالية. (خشية) مفعول له؛ لقوله أُعطي.
(يَكُبَّه) بضم الكاف أي: يلقيه منكوسًا وهو من النوادر أن يكون الرباعي بهمزة لازمًا، والثلاثي بدونها متعديًا، والمعنى: أني أتألف قلب الرجل بالإعطاءِ؛ لضعف إيمانه مخافة كفره، إذا لم يعط، بخلاف من قَويَ إيمانه، وهذا كناية؛ لأن الكبَّ في النار للكفر لازمٌ للكفر مساو له، لا مجاز من إطلاق اللازم على الملزوم لأن المشروط فيه امتناع اجتماع معنى الحقيقة والمجاز بخلاف الكناية، وهنا ليس كذلك؛ إذ لا امتناع في اجتماع الكفرِ والكبِّ كما علم.
وفي الحديث -كما قال النوويُّ (١) -: جواز الشفاعة إلى ولاة الأمور وغيرهم، ومرادة الشفيع إذا لم يؤدِّ إلا مفسدة، والأمر التثبت، وترك القطع بما لم يعلم القطع به، وأن الإمام يصرف الأمور في مصالحِ المسلمين، الأهمَ فالأهمَ، وأنَّ المشفوعَ إليه لا عتب عليه إذا ردَّ