للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لزوجها"، فَقَرَنَ حقَّ الزوج على الزوجة بحق الله، فإذا كفرتْ المرأةُ حقَّ زوجها وقدْ بلَغ حقُّه عليها هذه الغايةَ كان ذلك دليلًا على تهاونها بحق الله، فلذلك أطلق عليه الكفرُ، لكنه كفرٌ لا يخرج عن الملةِ، وعُدِّيَ الكفرُ بالله بالباء ولم يُعد كفْرُ العشير بها؛ لأنَّ كفرَ العشير لا يتضمنُ معنى الاعترافِ قاله الكرمانيُّ وغيره (١).

(ويكفرن الإحسان) أي: ولو مع غير العشير، فهذه الجملة أعمُّ مما قبلها، وقيل: ليس كفرانُ العشير لذاته بل لإحسانِه، فالجملةُ كالبيان لِمَا قبلها. (لو أحسنتَ) في نسخةٍ: "إنْ أحسنتَ" فـ (لو) بمعنى: إن في مجرد الشرطية فقط لا بمعناها الأصلي مِنْ أنَّها حرفُ امتناع لامتناع، أو هي من قبيل: "نعم العبدُ صهيبُ لو لم يخفِ الله، لمَ يعصه" (٢) حتى يكونَ الحكمُ ثابتًا على النقيضين، والطرفُ المسكوتُ عنه أولى من المذكور، والخطابُ في (أحسنتَ) عامٌّ لكلِّ مَنْ يَتَأتَّى أَنْ يكون مخاطبًا فهو مجازٌ، كما في قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ} [السجدة: ١٢]. (الدهرَ) نصب على الظرفية، ومعناه: الأبد، والمراد هنا: دهر الرجل أي: عُمرُه، أو الدهرُ مطلقًا على سبيلِ الفرضِ، مبالغةَ في كفرهنَّ. (شيئًا) تنوينه للتحقيرِ، أو للتقليلِ، أَوْلهما.

(قط) بفتح القافِ، وتشديد الطاءِ مضمومةً على الأشهرِ: ظرفُ زمانٍ لاستغراق ما مضى (٣).


(١) "البخاري بشرح الكرماني" ١/ ١٣٦.
(٢) (كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس" ٢/ ٣٢٣ (٢٨٣١)، و"تدريب الراوي" ٢/ ٢٥٣، وقال العراقي وغيره: لا أصل له ولا يوجد بهذا اللفظ في شيء من كتب الحديث، و"المقاصد الحسنة" ص ٥٢٦ (١٢٥٩).
(٣) ونقيضتها (أبدًا) تقول: ما رأيته قط، للماضي. ولن آراه قط، للمستقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>