للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النطقِ بالشهادتينِ، والإسلام حقيقة: عكسُ ذلك كما مرَّ بيانه.

(ما الإحسانُ) مبتدأ وخبر، والإحسانُ: الإنعامُ على الغيرِ، أو الإخلاصُ، إذ فيهِ إحسان لنفسه، بعدمِ المرايأةِ. (كأنَّكَ تراه) حال من فاعل تعبد؛ أي: تعبد الله مشبهًا نفسك بمن يراه. (فإنّه يراك) ليس جوابًا للشرطِ؛ لأنَّه ليسَ مسببًا عنه، بل الجوابُ مقدرٌ أي: فإن لم تكن تراه فاعبده، أو فلا تغفلْ فإنَهُ يراكَ. وهذا من جوامعِ كلمهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّهُ شامل لمقامِ المشاهدةِ ومقامِ المراقبة، إذ للعبد في عبادته ثلاث مقامات، وكل منها إحسان، الأول: أن يفعلها على الوجه الذي يسقطها [عنه] (١) بأن يفعلها مستوفيًا للشرائط والأركان، الثاني: أن يفعلها كذلك وقد استغرق في بحار المكاشفة حتَّى كأنّه يرى الله تعالى، وهذا مقامهُ - صلى الله عليه وسلم -، الثالث: أن يفعلها وقد غلبَ عليه أن الله تعالى يشاهده، وهذا هو مقام المراقبة.

فقوله: (فإن لم تكن تراه) نزولٌ عن مقام المكاشفةِ، إلى مقام المراقبة أي: إن لم تعبُده وأنتَ منْ أهلِ الرُّؤيةِ المعنوية، فاعبده بحيث إنَّه يراك، وإنَّما أخَّر السؤال عن الإحسان؛ لأنَّه صفةُ الفعلِ، أو شرط في صحتهِ، والصفة بعد الموصوفِ، وبيان الشرطِ متأخَّر عن بيانِ المشروط.

(ما المسئولُ عنها) لفظُ: (عنها) ساقطٌ منْ نسخةٍ.

(بِأعْلَمَ) الباءُ زائدةٌ لتأكيدِ مَعْنَى النفي، والمرادُ: نفيُ عِلْم وقتها، إذ وجودها مقطوع به، وهذا وإن أشعر بالتساوي في العلم بوقتها فليس مرادًا، دائمًا المرادُ: التساوي في نَفْي العلمِ بهِ، وليس السؤال عنها


(١) من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>