(مضغة) أي: قطعةٌ من اللحم؛ لأنَّها تُمضغ في الفم؛ لصغرها، والمرادُ: تصغيرُ القلبِ بالنسبة إلى ما في الجسدِ مع أنَّ صلاحَه وفساده به. (إذا صلُحت) بفتح اللام أفصحُ من ضمها، وإذا قد تُستعمل للشكِّ كأن كما هنا؛ إذ الصلاحُ غيرُ متحققٍ بقرنيةِ ذكرِ مقابله. (القلب) سمي به؛ لسرعةِ تقلُّبه، أو لأنَّه خالصُ البدن، وخالصُ كلِّ شيءٍ: قلبُه، وهو محلُّ العقلِ، كما قال به جمهورُ المتكلمين لقوله تعالى:{لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا}[الأعراف: ١٧٩] وخالف الحنفية والأطباءُ، فقالوا: إنَّه في الدِّماغِ، محتجين بأنَّه إذا فسد الدماغُ فسد العقلُ. ردَّ بأنَّه لا يلزم من فسادِ العقل بفسادِ الدماغ كونُه فيه، وغايتُهُ: أنَّ الله تعالى أجرى العادة بذلك، وقد أجمعَ العلماءُ على عظم موقع هذا الحديث، وإنه أحدُ الأحاديث الأربعةِ التي عليها مدارُ الإسلام المنظومة في قول بعضهم:
عمدةُ الدين عندنا كلماتٌ ... مسنداتٌ من قولِ خير البريَّة
اتَّقي الشبهات وازهد ودعْ ... ما ليس يعنيك واعملنَّ نيةً
وتقدَّمَ هذا في أوائل الكتاب عنْ أبي داودَ (١)، لكنَّه أبدلَ حديثَ الزهدِ بحيث لا يكون المؤمنُ مؤمنًا حتَّى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه.
فائدةٌ: قال حجةُ الإسلام الغزاليُّ: السلاطين في زماننا ظلمةٌ، قل ما يأخذون شيئًا على وجهه بحقه، فلا تحلُّ معاملتهم، ولا من يتعلقُ بهم حتَّى القضاة، ولا التجارة في الأسواق التي يعمرونها بغير حقٍّ. واستبراءُ الدينِ والورَع: اجتنابُ الربطِ، والمدارسِ، والقناطرِ التي أنشاؤها بالأموالِ التي لا يُعلم مالكُها.