بالجوارح. (أو تكلم) أي: أو تتكلم في القوليات باللسان، ومن ذلك أن الشخص لا يؤاخذ بحديث النفس، ومحله: إذا لم يبلغ حد الجزم وإلا مؤاخذ به حتى لو عزم على ترك واجب أو فعل حرام ولو بعد سنين أثم الآن.
وفيه: أن الموسوس لا يقع طلاقه مثلًا بوسوسة، كما لا يقع بمحض نية الطلاق، وأما وقوع ما فوق الواحدة في قوله لامرأته: أنت طالق ونوى ثلاث؛ فلأنه تلفظ بالطلاق ونوى به الفرقة التامة، فالنية مصحوبة بلفظه.
وفيه: أن المجاوزة المذكورة من خصائص هذه الأمة وأن الأمم المتقدمة كانوا يؤاخذون بذلك، لكن اختلف في أن هذه الأمة هل كانت تؤاخذ بذلك أول الإسلام؟ لقوله تعالى:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}[البقرة: ٢٨٤] ثم نسخ بقوله تعالى: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٣٣] أولم تؤاخذ به وتحمل الآية الأولى على ما إذا بلغ ما فيها حد الجزم.
قيل: ومطابقته للترجمة في قوله: (ما وسوست)؛ لأن الوسوسة لا اعتبار لها عند عدم التوطن فكذا المخطئ والناسي لا توطن لهما، ومحله: إن خلا الخطأ والنسيان عن القصد، كما قررته آنفًا.